تُعد الولادة القيصرية آمنة في غالبية الحالات، وهي إجراء ضروري يلجأ إليه الأطباء للحفاظ على حياة الأم وجنينها، ولكنها كغيرها من العمليات الجراحية الكبرى قد تتسبّب ببعض المضاعفات والمخاطر، ناهيك عن التحديات الخاصّة بالعملية القيصرية نفسها، وما يُحتمل ظهوره من مخاطر بعد إجرائها بفترة قصيرة أو على المدى الطويل. [2][1]
ما هي مخاطر الولادة القيصرية التي يُحتمل حدوثها؟ وهل تقتصر هذه المخاطر على الأم أم على جنينها أيضًا؟ هذا ما نناقشه في المقال الآتي بالتفصيل.
محتويات المقال
مخاطر الولادة القيصرية على الأم
تخضع الأم الحامل للولادة القيصرية في حالات محددة، كأن تكون وضعية الجنين غير مناسبة للولادة الطبيعية، أو في حال إصابة الأم بالسكري أو الضغط، وقد يصاحب خضوع الأم للعملية القيصرية بعض المخاطر والمضاعفات، التي تتفاوت في شدتها وفترة المعاناة منها. [2]
يُذكر من أبرز هذه المخاطر ما يأتي:
العدوى
تُعدّ الإصابة بالعدوى من مخاطر العملية القيصرية الشائعة والتي قد تظهر على المدى القصير لدى بعض السيدات، وذلك في حالات معينة، من ضمنها الآتي: [3][5]
- عدم استخدام المضادات الحيوية كإجراء وقائي تجاه أيّ عدوى يُحتمل التعرض لها خلال العملية.
- التعرّض لمخاض طويل أثناء محاولة الولادة الطبيعية قبل اتّخاذ الطبيب لقرار إجراء العملية القيصرية، إذ إن المخاض الطويل يُسبب تأخّر الولادة الطبيعية رغم وجود انقباضات الرحم المنتظمة، وأسباب المخاض الطويل مختلفة، منها: عدم توسّع عنق الرحم كما يجب، أو ضعف قوة الطلق.
تتضمّن أنواع العدوى المحتملة ما يأتي: [6][4]
التهاب جرح العملية
يحدث الالتهاب في الطبقة الخارجية للجلد أو في الأنسجة التي تمّ شقّها أثناء العملية القيصرية، وتتمثل أعراضه باحمرار الجلد وتورّمه، والحمّى، وألم البطن.
يستدعي علاج التهاب جرح العملية تناول المضادات الحيوية، أو الدخول للمستشفى أحيانًا، وذلك في حال خروج إفرازات أو تقيحات من الجرح، إذ قد يضطر الطبيب لفتحه من جديد لتصريف القيح وتنظيف الجرح.
التهاب بطانة الرحم
تتعرّض بطانة الرحم للالتهاب في حالات نادرة، ومن أعراضها: الحمى، والنزيف المهبلي الشديد، وإفرازات مهبلية غير طبيعية، وألم في البطن.
وفي حال تم علاج التهاب بطانة الرحم باستخدام المضادات الحيوية المناسبة فمن غير المرجّح أن يتسبّب الالتهاب بأيّ مخاطر على صحّة الأمّ أو مضاعفات على المدى الطويل.
النزيف
تتعرض الأم لنزيف خفيف بعد إجراء العملية القيصرية، وذلك أمر طبيعي لا يدعو للقلق، لكن قد يكون النزف شديدًا لدى 6% من حالات القيصرية، وغالبًا ما يكون نتيجة أحد الأسباب الآتية: [6]
- إصابة أحد أعضاء الجسم خلال العملية.
- عدم خياطة أحد الأوعية الدموية كما يجب.
- تمزّق في المهبل أو في الأنسجة القريبة منه.
- شقّ كبير في منطقة العجان.
- تمزّق الرحم.
- إصابة الأم بأحد اضطرابات تخثّر الدم، التي تُعاني فيها من صعوبة توقّف النزيف عند التعرّض لأي إصابات أو جروح.
وتجدر الإشارة إلى ارتفاع احتمالية التعرّض للنزيف مع زيادة عدد العمليات القيصرية التي خضعت لها الأم مسبقًا، كما أنّ شدّة النزيف المرتبطة بالعملية القيصرية قد تكون أكبر من شدة النزيف المُصاحب للولادة الطبيعية. وقد يستدعي النزيف الشديد لضرورة تزويد الأم بوحدات الدم، أو الخضوع لجراحة أخرى لإيقاف النزيف. [3][4]
ردود الفعل التحسسية
قد تُعاني الأم من ردود فعل تحسسية أو أعراض جانبية ناجمة عن استخدام مواد معينة خلال العملية القيصرية، لكن هذا النوع من المضاعفات نادر الحدوث، ولتجنبه يوصى بإعلام الطبيب قبل العملية في حال كانت الأم تُعاني من أيّ حساسية، حتى يختار المواد والأدوية المناسبة لها. ومن الأمثلة على المواد التي يُحتمل تسببها بالحساسية: [6]
- التخدير، سواء أكان التخدير عامًّا أو نصفيًّا.
- الأدوية المستخدمة خلال العملية.
- اللاتيكس أو المطاط الموجود في قفازات الطاقم الطبي، إذ قد يتسبّب بالحساسية لدى البعض.
تتفاوت شدّة الأعراض الجانبية الناجمة عن المواد السابقة ما بين البسيطة والخفيفة إلى الأعراض الشديدة التي تستدعي التدخل الطبي السريع، وتتضمّن هذه الأعراض ما يأتي: [6]
- الحمى.
- الضعف والإعياء.
- الدوخة وفقدان الوعي.
- الصداع الشديد.
- تورّم الحلق.
- الإسهال.
- الغثيان والتقيؤ.
- ألم في المعدة أو الساق أو الظهر.
- تشوش الرؤية.
- صعوبة التنفس.
- البشرة الباهتة أو ظهورها باللون الأصفر.
- تورّم الجلد والشريه.
- ضعف ضربات القلب أو تسارعها.
اقرأ أيضًا: إليك، الفرق بين التخدير الكلي والنصفي في الولادة القيصرية
الجلطات الدموية
قد تتعرّض بعض السيدات للإصابة بجلطة الساق كإحدى مضاعفات العملية القيصرية النادرة، وتكمن المشكلة في حال انتقال الخثرة المسببة لجلطة الساق نحو الرئة، ما قد يكون سببًا في تهديد حياة الأم، إلا إنّ اكتشافها المبكّر يُساعد على علاجها والوقاية من مخاطرها. [3]
تظهر أعراض جلطة الرجل على شكل ألم وتورّم في الساق المصابة. وترتفع احتمالية الإصابة بالجلطات الدموية لدى بعض النساء أكثر من غيرهن في الحالات الآتية: [4][6]
- التعرّض سابقًا لجلطات دموية.
- معاناة الأم من السمنة.
- بقاء الأم في السرير لفترة طويلة بعد إجراء العملية القيصرية.
- طول مدّة العملية القيصرية أو معاناة الأم من مضاعفات خلالها.
الإصابات الناجمة عن الجراحة
قد تتسبّب العملية القيصرية في حالات نادرة تضرّر المثانة أو الحالبين أو الأمعاء، وعادة ما تُلاحظ مثل هذه المضاعفات خلال فترة قصيرة بعد إجراء العملية القيصرية. يتم إصلاح هذه الإصابات عن طريق عمليات جراحية أُخرى لمنع تطوّر المضاعفات الآتية: [3]
- تسمم الدم.
- الناسور.
- الفشل الكلوي.
الالتصاقات
الالتصاقات (بالإنجليزية: Adhesions) هي أنسجة ندبية وخيوط من الكولاجين تربط بشكل غير طبيعي بين الأعضاء والأنسجة في جسم الأم بعد إجرائها للعملية القيصرية، وعادة ما تظهر هذه الالتصاقات مكان جرح العملية أو في الرحم، لتتسبّب بآلام عديدة تستمر لأشهر أو سنوات، ومن أبرز أعراضها ما يأتي: [7][8]
- ألم في البطن.
- انتفاخ البطن أو تورّمه.
- ألم شديد خلال الدورة الشهرية.
- ألم مكان العملية.
- ألم مزمن في الحوض.
- ألم في الظهر.
- ألم أثناء الجماع.
اقرأ أيضًا: 9 من أعراض التصاقات الرحم بعد الولادة القيصرية
مخاطر أخرى
قد تعاني السيدات من مخاطر أخرى للعملية القيصرية، يُذكر منها الآتي: [3][6]
- الألم، يستمر الألم الناجم عن العملية القيصرية لفترة أطول عمومًا من الألم المُصاحب للولادة الطبيعية، وعادةً ما يبدأ بعد زوال تأثير المخدر، وقد يستمر لعدّة أشهر كأحد المضاعفات التي تستمر على المدى الطويل. ويصرف الطبيب أنواعًا مختلفة من المسكنات للسيطرة عليه.
- اضطرابات عاطفية، تنجم عادةً عن عدم رضا الأم عن إجراءات أو نتائج العملية القيصرية، أو عدم قدرتها على التواصل بشكل كافٍ مع طفلها نتيجة التخدير أو المخاطر والمضاعفات التي تواجهها بعد العملية، ما قد يُشعرها بالكآبة ويؤثر على حالتها النفسية.
- الحاجة لاستئصال الرحم، في حالات نادرة للغاية قد تستدعي بعض الحالات استئصال الرحم، وذلك إن واجهت الأم مضاعفات ومخاطر معينة، مثل: النزيف الشديد.
مخاطر الولادة القيصرية على الجنين
تُعدّ احتمالية التعرّض لمخاطر الولادة القيصرية للجنين أقلّ نوعًا ما من مخاطر العملية القيصرية على الأم، ويُذكر منها الآتي: [2][10][9]
- مشاكل التنفس، التي تنشأ نتيجة الولادة قبل اكتمال الأسبوع 39 من الحمل، أو نتيجة عدم الدخول في المخاض الذي يُفترض به مُساعدة الجنين على تفريغ رئتيه من السوائل، ولكن عادةً ما تزول هذه السوائل وحدها بعد يومين من الولادة.
- إصابة الجنين بخدوش أو جروح عرَضية أثناء العملية، وذلك يحدث في حالات نادرة، وعادةً ما تكون بسيطة وخفيفة، ويُمكن علاجها والتعامل معها بعد ولادة الطفل مباشرة. ويُعد الورم الدموي في الرأس (بالإنجليزية: Cephalohematoma) من أكثر إصابات الجنين شيوعًا، وهو ينتج عن الضغط الذي يتعرّض له الجنين عند الولادة، بسبب إصابة رأسه بشكل غير مقصود بالمعدات الجراحية التي يستخدمها الطبيب أثناء العملية.
- مخاطر التخدير المستخدم أثناء العملية القيصرية، ففي حالات نادرة قد تظهر بعض الأعراض الجانبية على الطفل بعد ولادته نتيجة خضوع الأم للتخدير الكامل، كما قد يُلاحظ تأثير التخدير النصفي على الطفل، ولكنه أقلّ شدة من تأثير التخدير الكامل.
مخاطر الولادة القيصرية على الحمل مستقبلًا
ترتفع حاجة العديد من النساء للولادة عن طريق العمليات القيصرية مستقبلًا بعد خضوعهن لها، إذ تقلّ فرصهن للولادة الطبيعية مع كل عملية قيصرية، أضف إلى ذلك أن العملية القيصرية قد ترفع من احتمالية المعاناة من المخاطر المستقبلية الآتية: [3][11]
- مشكلات المشيمة، مثل: انفصال المشيمة، أو التصاق المشيمة عند النساء اللواتي يُعانين من انخفاض المشيمة أثناء الحمل.
- الولادة المبكرة قبل مضي الأسبوع 37 من الحمل.
- ولادة جنين ميت.
- الحمل خارج الرحم.
- تمزّق الرحم.
ومع ذلك فإنّ النساء اللواتي يخضعن للعملية القيصرية يحظين بأحمال وولادات طبيعية في المستقبل، ولا يُعانين من المضاعفات التي ذكرت سابقًا؛ إذ إنها قليلة أو حتّى نادرة الحدوث.
عوامل تزيد فرصة ظهور مخاطر الولادة القيصرية
قد تتعرّض بعض النساء لأحد مضاعفات الولادة القيصرية دون وجود سبب واضح لذلك، ولكن ثمة مجموعة من المشكلات الصحية والعوامل التي قد ترفع من احتمالية الإصابة بمخاطر الولادة القيصرية، يُذكر منها الآتي: [6][12]
- السمنة.
- إصابة الأم بالسكري، أو بتسمم الحمل.
- زيادة وزن الجنين.
- الحمل بتوأم أو أكثر.
- قلة النشاط البدني للأم.
- الخضوع لعمليات قيصرية مسبقًا.
- الخضوع لعمليات سابقة في البطن.
- خضوع الأم للعملية القيصرية بعد بلوغها سنّ 35 عامًا أو أكثر.
- معاناة الأم من حساسية تجاه مادة التخدير، أو تجاه الأدوية، أو المطاط.
- استمرار الولادة القيصرية لفترة زمنية طويلة.
اقرأ أيضًا: 11 سببًا لدخول الأم في المخاض المطول
نصيحة الطبي
تُعدّ الولادة القيصرية من العمليات الجراحية الآمنة في معظم الأحيان، ويُعدّ التعرّض لإحدى مخاطر العملية القيصرية أمرًا نادرًا في الحقيقة، ولكن في حال الإصابة بها فبالإمكان التعامل معها وتقليل تأثيرها أو علاجها بإشراف الطبيب.
يمكنك الآن الاستعانة بأحد أطبائنا المعتمدين على منصة الطبي في أيّ وقت للحصول على استشارة طبية من أيّ مكان.