أسباب التفاعلات الانحلالية الناجمة عن عدم تلاؤم الدم: قد يصاب المريض بانحلال الدم في عدّة حالات لا يكون سببها عدم التلاؤم نذكر منها حقن الوريد بالمصول المحلية خفيفة التوتر أو بالماء المقطّر أو بالدم المخزونالذي انحلّ قسم من كريـّاته الحمر بسبب انتهاء عمرها أو بسبب خطأ في حفظ الدم أو اعطائه. فجمع الدم مثلاً في محلول مانع للتخثر كالسترات وحدها أو الهيبارين وحده بدلاً من الـ A.C.D المعتمد عالمياً أو المحلول C.P.D. لا يسمح للكريات الحمر بأن تعيش أكثر من أيـّام محدودة، ضمن أحسن الشروط ثم تتخرّب كريـّاته وتنحلّ. إنّ نقل مثل هذا الدم يصبح ضارّاً بعد أن كان نافعاً ومنقذاً لحياة المريض. وكذلك الدم المحفوظ اعتباطاً في البرّاد دون مراعاة درجة الحرارة سرعان ما تتخرّب كرياته وتنحلّ ويصبح مضراً عديم الجدوى. فالدم يجب أن يـُحفظ في البرّاد بشكل متواصل بين درجتي 2 – 8 مئوية، فإذا ما هبطت حرارة البرّاد إلى الصفر أو ما دونه تجمّدت الكريـّات، وعند زرقها للمريض لا بدّ من إذابتها فتنحلّ وتتخرّب. أمّا إذا ارتفعت حرارة البرّاد إلى درجة عالية أخذت هذه الكريات بالتنفس والحياة، وعاودت نشاطها فيصل قسم منها لنهاية عمرها، فتموت وتنحلّ ويصبح الدم فقيراً بالكريـّات فلا يستفيد منه المرض النازف الفائدة المرجوّة. يحدث انحلال الدم أيضاً إذا ما أُعطي المريض دماً متلائماً مع دمه، ولكن من زمرة غير زمرته. وهناك عدة حالات يمكن أن تسبب فقر دم انحلالي حاد نضرب صفحاً عن ذكرها لندرة تصادفها.
تختلف اختلافاً شديداً حسبما يكون الانحلال قد تمّ ضمن العروق الدموية Intravascular Lysis أو خارجها Extravascular Lysis في الجملة الشبكية البطانية. والانحلال ضمن العروق الدموية سببه دائماً اختلاف الزمرة ABO، ويترافق بارتفاع تركيز الهيموكلوبين في الدم وفي البول (ويـُعرف ذلك من غمقة لون البلازما والبول). وآلية هذا الانحلال هو الفعل الحالّ للأضداد Anti – A و Anti – B في بلازما المريض على الكريات الحمر المنقولة بوجود المتمـّمة. و يتم هذا الانحلال بسرعة وخلال بضع دقائق من بدء نقل الدم. فيشكو المريض من حسّ حرق على طول الوريد الذي يـُنقل فيه الدم، ويحمر وجهه ويصاب بألم شديد في القطن والصدر، ثم يصاب بقشعريرة وترتفع حرارته، ويتملـّك المريض شعور الخوف من الموت، أمّا إذا كان المريض تحت التخذير العام فيـُعرف عدم تلاؤم الدم فقط بظهور نزوف عفوية في مناطق مختلفة من جسمه. وإذا كان الانحلال شديداً ينتهي الأمر بوهط دوراني وبنزوف معممة غزيرة نتيجة لإصابة المريض بمتلازمة التخثر المنتشر داخل الأوعية (DIC) التي تنجم عن تحرّر العامل III والـ Plasminogen من الكريات الحمر. فإذا ما قـُدِّر للمريض أن ينجو من الموت في هذه المرحلة فإنّ إمكان إصابته بشحّ البول Oliguria أو انقطاعه Anuria ليست مستبعدة، فهي تحدث بنسبة 10% في هذه الحالات. وقد قيل في تعليل الإصابة الكلوية عدة نظريات، ولعلّ أقواها هو التأثير السام لتركيز الهيموكلوبين العالي في أنابيب الكلية. أمّا الانحلال الذي يتمّ خارج الأوعية الدموية، أي في الجملة الشبكية البطانية، فينجم غالباً عن الضد Rho (أيAnt – D )، وهو انحلال يتم ببطء، خلال بضع ساعات (وقد يتم بعد بضعة أيـّام عند المتحسّسين سابقاً سواء أكان من نقل الدم المتكرّر أم عند النساء المتحسّسات بعامل الريزوس)، ويتصف بقشعريرة وحمّى، ولكنـّه لا يترافق مطلقاً بقصور كلوي.
يعتمد تشخيص انحلال الدم على الاختبارات الآتية: أ - إعادة الزمرة الدموية وعامل الريزوس لكلٍ من دم المريض والمعطي، وذلك من الأنبوبين اللذين أُجريت عليهما اختبارات التلاؤم قبل نقل الدم. ب - التأكـّد من زمرة الدم وعامل الريزوس للمريض على نموذج جديد من الدم يؤخذ من وريده مباشرة، كما تعاد الزمرة الدموية وعامل الـ Rho (D) للدم المعطي بعد أخذ نموذج من الدم من وحدة الدم التي نـُقلت للمريض. جـ - إعادة اختبارات تلاؤم الدم بدقة، على أن تتضمن اختباري كومبس المباشر واللامباشرة. د - إجراء فحص البول الكامل لاول بيلة تمر بعد نقل الدم والانتباه إلى لون البول. هـ - معايرة بيليروبين مصل الدم والانتباه إلى لون مصل الدم. فإذا ما بقي لون مصل الدم طبيعياً أثناء نقل الدم أو بعده مباشرة فإنّ ذلك ينفي وجود التفاعلات الانحلالية، حتى ولو كانت الأعراض التي يشكو منها المرض شديدة. أمّا إذا كان لون المصل أحمر فالسبب انحلالي. فإذا كان سبب الانحلال هو اختلاف الزمرة ABO بين المريض والمعطي فإنـّه يحدث مباشرة وبسرعة ضمن الأوعية الدموية. أما إذا كان سبب الانحلال العامل Rh أو غيره فإنّ الانحلال يتم ببطء والتدريج وخلال بضع ساعات لأنـّه يتم في أنسجة الجملة الشبكية.
يجب قبل البدء بالمعالجة التأكـّد من أنّ الأعراض والعلامات التي يشكو منها المريض ناجمة عن انحلال الدم. وأسرع واسطة للتأكـّد من ذلك هي إيقاف جريان الدم مؤقتاً دون سحب إبرة جهاز نقل الدم من وريد المريض، ثم يؤخذ نموذج من الدم من الوريد، ويـُثفل ويـُنظر إلى لون المصل. فإذا كان طبيعياً فالأعراض التي يشكو منها المريض وبخاصة العراء Chill والحطاطات Hives لا تكون ناجمة عن انحلال الدم وعند ذلك يتابع نقل الدم. أمّا إذا كان لون المصل وردياً أو أحمر فالأعراض هي أعراض الانحلال الدم وعندئذٍ تـُطبق المعالجة الآتية: 1- إيقاف نقل الدم مباشرة وسحب جهاز نقل الدم من وريد المريض. 2- تعالج الأعراض التي يشكو منها المريض معالجة عرضية كالأسبرين والكودئين، وقد يـُعطى المورفين بمقادير قليلة لتخفيف خوف المريض وإزالة الألم، وتـُطبـّق الكمادات الحارّة ويدفأ المريض إذا أصيب بالرجفة. 3- معالجة الصدمة: يـُفضّل البدء بزرق المريض بالبلازما الطبيعية، وفي حال عدم توافرها تزرق البلازما الاصطناعية Plasm expanders كالـ Dextran ريثما يتم إجراء فحوص تلاؤم الدم على وحدة أو اثنتين من الدم الطازج لتزرق له. وقد يكون من الضروري إعطاء بعض الأدوية الرافعة للضغط Pressor agents. 4- معالجة القصور الكلوي: وغاية المعالجة هنا هي: إعادة انطراح البول إلى الحالة السوية (100-150 مل في الساعة الواحدة) والمحافظة على بقاء ضغط المريض طبيعياً ضمن الحدود السوية لضمان بقاء التروية الكلوية حسنة. وللوصول إلى الهدف الأوّل يـُزرق المريض بالمحاليل المدرّة المتعادلة التوتر Osmotic diuretics كمحلول المانيتول ذي النسبة 5 أو 10 أو 20% على أن تتناوب مع المحاليل الملحية الفيزيولوجية أو الملحية السكـّرية، ويفضـّل أن يضاف إلى المحاليل الأخيرة مقدار 45 mEq من كلور الصوديوم أو ثاني كربونات الصوديوم، ويثابر على ذلك خلال الساعات التالية حتى يرجع انطراح البول إلى حالته اسوية وعندئذٍ يستعاض عن هذه المحاليل بالسوائل عن طريق الفم. وهنا يجب أن نذكر أنّ مجموع المانيتول يجب ألاّ يزيد على 100 غرام في الـ 24 ساعة، شريطة أن يكون بدن المريض قادراً على تحمـّل هذه المادة. ويـُعرف ذلك بحقنه بأمبولة اختبار واحدة من المانيتول، وهذه الأمبولات الشاهدة متوافرة في التجارة بحجم 50 مل وتحتوي على 12.5 غ من المانيتول، وتـُعطى بالوريد خلال 3 – 5 دقائق. فإذا كان تحمـّل المريض لهذه المادة حسناً، يزداد انطراح البول ولا يقلّ عادة عن 60 مل في الساعة الواحدة. أماّ إذا لم يتجاوب المريض في المعالجة السابقة، واستمرّ شـُحُّ البول أو انقطع فعند ذلك تـُطبّـق معالجة قصور الكلية الحاد التي يلخصها Barry & Crosby بما يلي : 1- تحديد زرق السوائل بـ 500 مل + ما يطرحه المريض ظاهراً من السوائل كالقيء والإسهال والتعرّق. 2- إعطاء 100 غ من النشويات في اليوم، لتجنـّب نقص سكر الدم Hypoglycemia وإنقاص هدم الأنسجة Catabolism. 3- مراقبة عدم ازدياد بوتاسيوم الدم Hyperkalemia وذلك بإعطاء المريض أحد مركـّبات الراتنج كالـ Soduim Polystyrene Sulfonate resin بمعدل 15 – 30 غ عن طريق الفم أو الشرج كل ست ساعات. 4- نقل المريض إلى مستشفى مزود بكلية اصطناعية إذا استمر انقطاع البول مدة يومين أو ثلاثة أيـّام.
يتألف طاقم الطبي من مجموعة من مقدمي الرعاية الصحية المعتمدين، من أطباء، صيادلة وأخصائيي تغذية. يتم كتابة المحتوى الطبي في الموقع من قبل متخصصين ذوي كفاءات ومؤهلات طبية مناسبة تمكنهم من الإلمام بالمواضيع المطلوبة منهم، كل وفق اختصاصه. ويجري الإشراف على محتوى موقع الطبي من قبل فريق التحرير في الموقع الذي يتألف من مجموعة من الأطباء والصيادلة الذين يعتمدون مصادر طبية موثوقة في تدقيق المعلومات واعتمادها ونشرها. يشرف فريق من الصيادلة المؤهلين على كتابة وتحرير موسوعة الأدوية. يقوم على خدمات الاستشارات الطبية والإجابة عن أسئلة المرضى فريق من الأطباء الموثوقين والمتخصصين الحاصلين على شهادات مزاولة معتمدة، يشرف عليهم فريق مختص يعمل على تقييم الاستشارات والإجابات الطبية المقدمة للمستخدمين وضبط جودتها.