وباء عالمي جديد يسببه فيروس قد يقتل 33 مليون ضحية في أول 200 يوم له. أكثر من 300 مليون شخص سيقعون ضحية هذا الفيروس خلال السنتين التاليتين. هذا ما يتوقعه الطبيب جونثان كويك وفق ما نشرت الديلي ميل.
تعتبر الأنفلونزا أكثر قاتل فيروسي سرعة في الانتشار ومعروف لدى البشرية، كما أنها أكثر الفيروسات قابلية للسيطرة، وقد بين أحد الأطباء وقائدي البرامج العالمية في منظمة الصحة العالمية بأن العالم معرض لخطر وباء فيروسي سيكون مميتاً، أكثر من أي شيء عرف سابقاً، كما أنه ستظهر طفرة جديدة وفتاكة لفيروس الأنفلونزا لم يسبق لها مثيل، ويوجد العديد من الأمور التي يمكن القيام بها لمنع ذلك، وقد أوضحت الآراء بأننا الآن معرضون للخطر كما كنا قبل 100 سنة، تحديداً عندما أصابت إنفلونزا 1918 أو ما عرف بالانفلونزا الأسبانية ثلث سكان العالم ونجم عنها القضاء على حوالي 100 مليون شخص.
عند الحديث عن الأنفلونزا الأسبانية وانتشارها فقد فسر ذلك على أنّ الأنفلونزا البشرية عادة ما تبدأ مع الطيور المائية البرية ذلك أنّ انفلونزا الطيور شائعة جداً في الطيور المائية، وما يحدث أنّ فيروس الطيور البرية يصادق سلالة مختلفة من الفيروسات داخل طائر آخر، أو حيوان آخر كالخنزير مثلاً، حيث تتمكن السلالات المختلفة من تبادل الجينات وما تضمنه من مهارات وقدرات أخرى مثل كونها شديدة العدوى أو كونها قاتلة، وبما أنّ مجموعة فيروسات الانفلونزا تكون موجودة في مجرى الدم سواء أكان ذلك في الطيور، أو الخنازير أو الخفافيش أو القردة، وهذا ما يجعلها جاهزة للانتقال إلى الإنسان، بانتقالها إلى الإنسان فإنّ السلالة البشرية الجديدة الناتجة يمكن أن تقتلنا بسهولة أكبر والسبب وراء ذلك أنّها غير معروفة بالنسبة لنا كما أنّ أجسادنا لا تمتلك أي مناعة ضدها.
أوضحت الدراسات بأنّ الإدمان على لحم الخنزير أو الدجاج الرخيص وغير الصحي يعتبر وسيلة قوية لمساعدة الأنفلونزا على قتلنا من غير قصد، كما أن المزارع الصناعية (بالإنجليزية:factory farm) تمثل مصدر الأمراض الخطيرة المسببة لكوارث كونها تجمع الحيوانات معاً في ظروف قد تشكل حاضنات الأجنة الخاصة بالمرض، حيث كانت تلك المزارع الصناعية العملاقة هي المهد لميلاد انفلونزا الخنازير H1N1 الذي ظهر في عام 2009 وقتلت مئات الآلاف من الأشخاص في جميع أنحاء العالم، حيث تبين بأن هذا الفيروس احتوى على ثلاثة جينات من الانفلونزا البشرية، ومع مرور بضعة أشهر في المزرعة اكتسب الفيروس أجزاء من اثنين من جينات انفلونزا الطيور أيضاً، أما الخنازير فهي تأكل كل شيء تقريباً وبالتالي فإنها عندما تتغذى على فضلات الطيور البرية المرضية أو الدجاج الذين يعيش بالقرب منها فإن الأجهزة الهضمية الخاصة بفيروسات الإنفلونزا قد تتبادل موادها الجينية لخلق سلالات جديدة.
إن مكافحة المزارع الصناعية تساهم في الحد من المخاطر التي قد تسببها حيوانات المزرعة، كما ينبغي التقليل من تناول اللحوم أو منتجات الألبان والاستعاضة عنها باللحوم المصنفة على أنها عضوية التي تربى دون استخدام المضادات الحيوية الروتينية.
أكثر أنواع الأنفلونزا المخيفة التي نعرفها اليوم هي سلالة H5N1 المعروفة باسم "إنفلونزا الطيور" والتي جاءت من حيوان ويعتقد بأنها انتقلت إلى الإنسان من خلال الاتصال مع طائر مريض ذبح في مزرعة دواجن أو في أحد أسواق هونغ كونغ.
بينت الإحصائيات بأن H5N1 قتل أول ضحية له في عام 1997 وكان ذلك في هونغ كونغ، ومنذ عام 2003 وحتى بداية عام 2016 بلغ عدد الإصابات بهذا النوع من الفيروس 846 حالة وكان ذلك في 16 بلداً، أما في وقتنا الحالي فإن فيروس H5N1 لم يعد معديًا جدًا إلا أن هذه السلالة تمكنت من قتل أكثر من نصف الأشخاص المصابين في حين أن وباء الانفلونزا الاسباني لعام 1918 بلغ معدل انتشاره ما بين 2% و 3% فقط، وهذا ما يجعل من فيروس H5N1 أحد أخطر الفيروسات التي واجهها العلماء على الإطلاق، إذ أن هذا الفيروس ما زال موجود حتى وقتنا الحالي في دماء كل من الدجاج والبط، وفي الوقت ذاته فإن انفلونزا الخنازير لا تزال موجودة في دم الخنازير وهذا ما يجعلها تشكل تهديداً على حياة البشر.
يمكننا القول بأنه إذا ظهرت سلالة جديدة وشديدة العدوى من H5N1 وقد تنتقل بغير قصد على متن سفينة سياحية أو طائرة، وبالتالي سوف تسبب كارثة بسرعة، لذلك فإن محاربة هذه الفيروسات أمر مهم فهو الوسيلة للحفاظ على أنفسنا وأطفالنا على قيد الحياة، ويوجد العديد من الحملات الصحية العامة التي تقوم على مبدأ تشجيع نظافة اليد والإبقاء على الهواء نظيفاً للحفاظ على صحة الجهاز التنفسي، كما يتطلب الأمر حماية الآخرين في حالة المرض وذلك من خلال البقاء في المنزل حيث أن ذلك يقلل من معدل العدوى إلى النصف، إلا أنّ العديد يرى بأن الشيء الأكثر أهمية الذي يمكن للبشرية فعله هو تطوير لقاح عالمي فعال ضد فيروسات الإنفلونزا حيث أن ذلك يساهم في الحد من وباء الأنفلونزا العالمي المفجع، بل وربما يحول دون حدوثه، ولسوء الحظ فقد بينت بعض الأبحاث بأنّ لقاحات الإنفلونزا غير ملائمة لنا.
تجدر الإشارة إلى أهمية حماية أنفسنا من الإنفلونزا الموسمية وذلك عن طريق أخذ اللقاحات التي تحمي من ثلاثة أو أربعة أنواع من فيروس الانفلونزا على الأكثر، إلا أنّ المشكلة الأساسية هي أن لقاحات الانفلونزا الموسمية لا يمكن أن تهاجم حالياً سوى بروتينين في فيروس الإنفلونزا وهو ذلك الموجود على سطحها الخارجي وهذا ما يجعل السلالات الفردية تتغير باستمرار بطرق تجعل اللقاح عديم الفعالية ضد تلك السلالة، ومن هنا تظهر أهمية إيجاد لقاح يهاجم شيئاً أساسياً لا يتغير في الفيروس وبالتالي ضمان فعاليته ضد جميع سلالات الانفلونزا.