تعتبر مشكلة أو عادة الكذب عند الأطفال من أسوأ العادات التي قد يكتسبها الطفل، ومن المشاكل التي تؤرق الأهل، لما فيه ضرر على الطفل ومن حوله، وتعارضه مع بناء شخصية سليمة.

غالباً، لا يكون الكذب لدى الطفل عادة مستمرة، بل يقوم الطفل بالكذب من وقت لآخر خوفاً من العقاب، أو لإحاكة بعض الحيل للحصول أو التهرب من أمر ما.

ولكن يمكن أن يشكل كذب الأطفال خطراً في بعض الأحيان، فقد يكذب الطفل حول أمر يعرضه للأذى دون علم والديه، أو قد يكبر الطفل وهو يمارس الكذب حتى يصبح لديه الأمر عادة يومية، الأمر الذي يتطلب انتباه الآباء وعلاج المشكلة منذ ظهورها.

نتعرف في هذا المقال على أسباب وخطورة الكذب عند الأطفال، وهل حقا الطفل الذكي هو الأكثر كذبا؟.

تعريف الكذب عند الاطفال

الكذب (بالإنجليزية: Lying)، هو إخبار المرء أمراً منافياً للحقيقة، وتتنوع أشكال الكذب عند الأطفال، فقد يكذب الطفل بغرض التخيل، بمعنى أنه قد يذكر أنه غاص في أعماق البحاق ولعب مع الأسماك، دون إدراك الفرق بين الحقيقة والخيال، وهنا يأتي دور الآباء في توضيح الفرق بينهما حتى يتعلم الطفل الطريقة الصحيحة للتعبير عن مثل تلك الأمور.

وقد يلجأ الطفل للكذب كحيلة منه للتهرب من بعض الأمور، مثل التظاهر بالمرض للتهرب من الذهاب إلى المدرسة. وهذه أحد مخاطر الكذب عند الأطفال، حيث قد يعتاد الطفل الكذب لتحقيق ما يريد مثلاً، ويحصل ذلك نتيجة رضوخ الأهل لمطالب كذب الطفل، مع علمهم بأنه كذب دون أن يوضحون له بأسلوب محبب أن الكذب ليس الوسيلة الأفضل لطلب ما يريد أو يرغب.

اقرأ أيضاً: اضطراب نزرعه في بناتنا منذ الصغر ؛ فما هو؟

ما هي انواع الكذب عند الاطفال؟

تختلف أسباب الكذب عند الأطفال من طفل لآخر، وبناءً على ذلك يمكن تصنيف الكذب لدى الأطفال إلى عدة أنواع كما يلي:

  • الكذب من أجل الآخرين، إذ يحاول الطفل الكذب للتغطية أو حماية شخص آخر.
  • أكاذيب خيالية يقصد بها الطفل جذب انتباه الآخرين إليه، مثل التحدث عن خوضه مغامرات أو بطولات من وحي خياله.
  • الكذب من أجل استعطاف الآخرين والحصول على شيء ما، مثل ادعاء المرض، ويشيع حدوثه بين عمر 3- 5 أعوام.
  • الكذب لتجنب بعض العواقب، مثل: التوبيخ أو العتاب واللوم.
  • الكذب الاجتماعي، وهو محاولة الهروب من أمر ما بادعاء الانشغال أو المرض.
  • الرغبة في إلحاق الضرر بالآخرين ويعد من أخطر أنواع الكذب عند الأطفال، إذ يصبح الطفل عدوانياً.
  • تقليد الآخرين إذ يبدأ الطفل بتقليد أبويه، بالرغم من عدم تعمدهما الكذب، وإنما كانت محاولة للهرب من بعض المتطلبات نظراً للانشغال بأمر هام مثلاً، أو نتيجة حدوث أمر عاجل استدعى تغيير الخطة، بينما يظنه الطفل كذباً من أجل إنجاز بعض الأولويات. كذلك قد يتهاون الآباء في بعض الأمور ويصفوها بالكذبة البيضاء (بالإنجليزية: White Lies)، الأمر الذي قد يقلده الطفل تلقائياً.
  • محاولة تعظيم الذات والقدرات والمهارات، ويحدث نتيجة افتقار الطفل إلى ثقته بنفسه؛ لذا يحاول جذب إعجاب الآخرين.
  • الأنانية وحماية النفس على حساب الغير، ويعد أيضاً من أخطر الأنواع إذ لا تتمثل الأنانية في مواقف الصدق والكذب وحسب، بل يصبح الطفل مستعداً لإقتلاع ما ليس حقه رغم أنف الآخرين، ويصبح الكذب عادة لديه.
  • الكذب المرضي: قد يصاب بعض الأطفال باضطرابات نتيجة سوء المعاملة مثلاً من شخص ما، الأمر الذي يجعلهم يدنسون الحقائق دون تعمد الكذب، وإنما أصبح الطفل يرغب بذلك الأمر. فعلى سبيل المثال طفل يتعرض للإساءة من أحد أقاربه، وعند سؤاله عن ذلك الشخص يدعي موته.

اقرأ أيضاً: الاهمال العاطفي للأطفال

ما هي اعراض الكذب عند الاطفال؟

قد لا توجد علامات محددة للكذب عند الأطفال، ولكن يفاجئنا بعض الأطفال بتصرفات وسلوكيات تشير إلى فطنتهم وقدرتهم الفائقة على التفكير بشكل منطقي وتحليل الأمور بصورة جيدة مقارنة بأقرانهم من نفس العمر، مما يجعلهم قادرين على التحايل لتحقيق رغباتهم أو اللجوء للكذب أحياناً.

يوجد بعض العلامات التي قد تجعلك تشك بسلوك طفلك وأنه لا يخبرك الحقيقة، مثل:

  • عدم تناسق روايته ووجود حلقة مفقودة أو أمر لا يصدق.
  • حماس زائد أثناء سرد القصة أو هدوء بالغ عند التحدث عن أمر عاطفي.
  • النظر بتوتر وخوف عند سرد القصة.

متى يبدأ الكذب عند الاطفال؟

ليس هناك عمراً محدداً لتعلم الكذب، فمنذ أن يتعلم الطفل الكلام وينتبه لمن حوله، يبدأ في تقليد العديد من الأمور، ومنها الكذب، وقد يلجأ إلى الكذب لاستعطاف من حوله.

في الغالب، يظهر الكذب عند الأطفال ابتداءً من سن الثلاثة أعوام، وقد ويزداد تدريجياً مع تقدم الطفل في العمر إن لم يتم توجيه الطفل وتوعيته حول مخاطر الكذب.

كما قد يصبح الطفل أكثر إقناعاً بأسلوب كذبه حتى يصبح من الصعب كشفه.

هل حقا الطفل الذكي هو الاكثر كذبا؟

أجريت إحدى التجارب على نحو 150 طفل تتراوح أعمارهم بين 3- 8 سنوات، وطلب منهم تخمين اسم دمية دون النظر إليها أثناء الدوران حول كرسي، بعد أن تم تركيب أحد الأصوات على الدمية يختلف تماماً عن صوت الدمية الحقيقي.
 
سجلت الكاميرات اختلاس نحو 123 طفلاً النظر إلى الدمية أثناء الدوران، ولكن أنكر 79 طفلاً ذلك، وعند سؤال الأطفال عن اسم الدمية، أجاب بعضهم باسم الدمية الصحيح بالرغم أن الصوت المركب عليها يجعل تخمين اسم الدمية أمراً في غاية الصعوبة.

تم سؤال الأطفال عن الطريقة التي تعرفوا بها على الدمية، فأجاب البعض بكذبات جديدة ومعقولة ومقنعة دون الاعتراف باختلاس النظر، مما جعل كذبتهم الأولى بشأن عدم اختلاس النظر أكثر حبكة وذكاءً.

نتيجة لذلك، تفترض بعض الدراسات أن الطفل الذكي يمكن أن يكون أكثر إقناعاً في اختيار كذباته أو أكثر لجوءاً للكذب للحصول على رغباته، لهذا يجب توجيه الطفل الذكي على نحو مستمر حتى لا يصبح لديه الكذب عادة أو مرضاً.

يجدر الإشارة إلى أنه لا يمكن يمكن في الغالب للأطفال الكذب في أمور تتعلق بشخصيتهم، ويلجأون إلى الحيل فقط للحصول على تشجيع ما أو شيء مفضل لديهم.

اقرأ أيضاً: كيفية اكتشاف الكاذب عبر لغة جسده

اضرار الكذب عند الاطفال

في سنوات العمر الأولى، قد يكون الكذب مقبولاً باعتباره أحد المهارات الحديثة التي يحاول الطفل استكشافها، ولكن إن استمر الكذب في مراحل متقدمة من العمر يصبح أكثر خطورة ويصعب علاجه.

يمكن أن يصل الكذب لمرحلة خطيرة تؤذي الطفل أو المقربين منه. وقد يؤدي تطور كذب الأطفال مع الوقت إلى ما يلي:

  • الكذب بشأن الإدمان أو التدخين.
  • افتعال المشاكل والحرائق وإنكار الأمر.
  • تعرض الطفل لأحد الأمور الخطيرة، مثل: الطرد من المدرسة، أو رسوبه في الاختبارات، أو السرقة، وتعمده الكذب خوفاً من عقاب الوالدين أو من شخص ما.

كل تلك الأمور قد تكون سبباً في ضعف التحصيل الدراسي وفقد المقربين الثقة بالطفل، بل يمكن أن تكون سبباً في ضياع مستقبله أو فقدان حياته.

اقرأ أيضاً: كيف تعالج مشكلة السرقة عند الأطفال؟

اعاني مk الشك كثيراً ، في الصلاة في الوضوء والغسل ونظافة الآخرين وكذاك الصحون التي اطبخ او أكل بها ، اضطر لغسلها لأكثر من مرة، وكذلك في الصلاة اعيدها اكثر من مرة والوضوء، هل هذه أعراض وسواس قهري؟ وكيف أتغلب عليها؟

هل يمكن علاج الكذب عند الاطفال؟

الآباء هم مرآة أطفالهم، وعليهم أخذ الحيطة قبل اتخاذ أي قرار أو تصرف قد يكون سبباً في تحول شخصية أطفالهم إلى الكذب، فلا يولد الطفل كذاباً، وإنما هي صفة مكتسبة.

كلما عولج الكذب في مرحلة مبكرة قبل أن يعتاد عليه الطفل، كلما كانت نتائجه أفضل، ولا يكون العلاج بنعت الطفل بالكذاب أو المخادع، وإنما بتوضيح بعض الفروقات بين أضرار الكذب ومميزات التحلي بالصدق، وتعليمه طرق التعبير الصحيحة، وتشجيعه كلما تحلى بالصدق والشجاعة، حتى وإن أخطأ حتى لا يهاب العقاب ويضطر للكذب.

يعتمد علاج الكذب عند الأطفال على عاملين رئيسيين، وهما:

  • معرفة أسباب الكذب

كما ذكرنا سابقاً تختلف أسباب الكذب من طفل لآخر، فقد يكون الطفل مشتتاً أو قليل الخبرة، أو لا يعلم كيف يعبر عن الكلام، أو يرغب في تحقيق أمر ما، وقد يكون كذباً انتقامياً يهدف إلى تضليل شخص غير محبوب.

لذا كأولى خطوات علاج الكذب عند الأطفال هو معرفة السبب من ورائه ومعالجته.

  • مدى تطور الكذب لدى الطفل

كلما تقدم عمر الطفل كان زادت خطورة الكذب؛ لذا فإنه وفقاً لتطور الأمر تختلف خطوات ومدة العلاج. ففي عمر الثانية والثالثة قد يروي الطفل قصة غير حقيقية ولكنها لا تسبب أذى، بينما مع تقدم السن قد يخفي الطفل أموراً هامة ويزيف الحقائق، الأمر الذي قد يسبب أضراراً بالغة.

أما بالنسبة لخطوات علاج الكذب عند الأطفال، فتشمل:

  • تعديل سلوك الطفل وتصحيح مفاهيمه

يجب أن تبنى علاقة الآباء مع أطفالهم على الود والصداقة وليس الترهيب والعقاب، الأمر الذي يجعل الطفل شجاعاً ولا يهاب إخبار أبويه بكل ما يتعرض له. لذا فإن جلوسك مع طفلك وتعريفه على مدى خطورة الكذب وكم سيؤثر على نظرة الآخرين وثقتهم به يساعده كثيراً على تخطي الأمر.

  • تشجيع الطفل ومساعدته على تخطي الأمر والتخلي عن الكذب

بدلاً من معاقبة الطفل على الكذب، يمكن اتباع بعض النقاط التي تساعده في التخلي عن الكذب كما يلي:

  • تعامل مع قصص طفلك الصغير بحكمة، ووضح له الفرق بين الخيال والحقيقة، ووضح له الواقع الذي يتعلق بروايته.
  • انتبه إلى تصرفاتك، فطفلك يراقبك، وما تفعله سيقلده بالتأكيد.
  • اجعل طفلك محبوباً في كل الظروف حتى لا يضطر إلى الوقوع في الكذب لإرضائك، وكن مهتماً وشغوفاً بإنجازاته.
  • ساعد طفلك على تعلم طريقة التعبير والطلب الصحيحة، وإذا علمت بكذبه طمئنه أنك تدعمه ويمكنه أن يخبرك الحقيقة.
  • حدث طفلك عن المكاسب التي ستعود عليه أو عليك من سلوكه الإيجابي بدلاً من تهديده، فعلى سبيل المثال يمكنك إخبارك بسعادتك عندما ينم مبكراً بدلاً من تهديده بالعقاب إذا قام بالسهر.
  • كن عوناً لطفلك وساعده على زيادة ثقته بنفسه.

نصيحة: الكذب عند الأطفال في البداية ما هو إلا عارض أو اكتشاف أو تجربة بالنسبة للطفل، ومن هنا تكمن أهمية توعية الطفل حول الكذب وخطورته منذ اللحظة التي التي يبدأ فيها بإدراكه، بالإضافة إلى أهمية الصدق بالتعامل مع الطفل حتى يتحلى به.

اقرأ أيضاً: السند والتواصل الإيجابي هو الاساس الذي تحتاجه ابنتك المراهقة

اقرا ايضاً :

مدخل إلى الطب النفسي