قد يبدأ السرطان كورمٍ صغيرٍ في مكانٍ واحد، لكنه لا يبقى هناك طويلًا! إذ تتميز الخلايا السرطانية بقدرتها على الانتشار إلى مناطق أخرى في الجسم، مثل الكبد، أو الرئتين أو حتى العظام؛ حيث قد تستقر وتنمو لتكون أورامًا جديدًا تعرف باسم السرطان النقيلي، لكن، ما الذي يجعل الخلايا السرطانية تخرج عن سيطرة الجسم وتنتقل بهذه السرعة؟ وما هي العوامل التي تحفز هذا الانتشار أو تبطئه؟ في هذا المقال، نُسلّط الضوء على أسباب انتشار السرطان والعوامل التي تُسهم في انتقاله، وكيف يمكن أن يُغير الكشف المبكر والالتزام بالعلاج مسار المرض وفرص الشفاء بشكل كامل. [1]
محتويات المقال
ما هي أسباب انتشار السرطان؟
يحدث انتشار السرطان في الجسم غالبًا بسبب تغيّرات أو طفرات تصيب الحمض النووي (DNA) داخل الخلايا. مما يمنح الخلايا السرطانية القدرة على الانفصال من مكان الورم الأصلي والانتقال إلى أماكن أخرى في الجسم. [2][3]
إضافةً إلى أنّ الخلايا السرطانية تتميز بعدة خصائص تساعدها على الانتشار والانتقال لأجزاء أخرى من الجسم، مثل: [2][3]
- تكون الخلايا السرطانية أقل تماسكًا أو لزوجة مقارنةً بالخلايا الطبيعية، التي ترتبط ببروتينات لاصقة (مثل E-cadherin) تُبقيها في مكانها، مما يسمح بانفصالها عن الورم الأصلي.
- تستطيع الخلايا الخبيثة إفراز إنزيمات تُذيب أو تُضعف الطبقة التي تفصل الورم عن الأنسجة المجاورة، مما يسمح لهذه الخلايا بالتسلل من الورم الأساسي إلى الأنسجة القريبة.
- تدخل الخلايا السرطانية بعد اختراق الأنسجة إلى مجرى الدم أو الجهاز اللمفاوي، فتُسافر مع الدورة الدموية إلى أعضاء أخرى بعيدة.
- تمتلك الخلايا السرطانية مرونة تمكّنها من البقاء على قيد الحياة حتى في بيئات جديدة (مثل الكبد أو العظام)، وتبدأ هناك في تكوين ورم جديد.
اسال سينا، ذكاء اصطناعي للاجابة عن كل اسئلتك الطبية
كيف ينتشر السرطان؟
تحدث عملية انتشار السرطان (Metastasis) عبر سلسلة معقّدة من المراحل، والتي تبدأ بتحوّل الخلايا الطبيعية إلى خلايا سرطانية، وصولًا إلى تكوّن أورام جديدة في أعضاء أخرى من الجسم، ويُمكن تلخيص هذه المراحل عن طريق الآتي: [2][3][4]
بداية الخلل والطفرات الجينية
يبدأ السرطان عندما يحدث خلل أو طفرات جينية داخل نواة الخلية، فتفقد قدرتها على تنظيم نموها وانقسامها. وبدلاً من أن تموت في نهاية دورة حياتها الطبيعية، تبدأ بالانقسام بشكلٍ سريع وغير منضبط، مما يؤدي إلى تكوّن ورم سرطاني داخل الجسم. [3][4]
ومع مرور الوقت، تمنح هذه التغيرات الخلايا السرطانية قدرة غير طبيعية على الانفصال عن الخلايا المجاورة وغزو الأنسجة القريبة، لتبدأ رحلتها نحو الانتشار. [3][4]
غزو الأنسجة القريبة
تُفرز الخلايا السرطانية إنزيمات خاصة تُعرف بالإنزيمات الحالة للبروتين، تعمل على تكسير مكونات النسيج المحيط بالورم، مما يُمكّنها من اختراق الحواجز الطبيعية التي تفصل الورم عن الأوعية الدموية واللمفاوية والانتقال إلى ما وراءها. [3][4]
الدخول إلى الأوعية الدموية أو اللمفاوية
بعد تجاوز هذه الحواجز، تتمكّن الخلايا السرطانية من اختراق جدران الأوعية الدموية أو اللمفاوية، لتدخل إلى مجرى الدم أو الجهاز اللمفاوي وتنتقل عبرهما إلى أعضاء بعيدة مثل الكبد أو الرئتين أو العظام، حيث قد تبدأ بتكوين بؤر سرطانية جديدة. [3][4]
رحلة الانتقال عبر الجسم
تتحرك الخلايا السرطانية المنتشرة مع تيار الدم أو السائل اللمفاوي، لكنها تواجه في طريقها مقاومة شديدة من جهاز المناعة الذي يسعى إلى تدميرها. ومع ذلك، تنجح نسبة صغيرة فقط من هذه الخلايا في النجاة، وتتمكن من الالتصاق بجدران الأوعية الدموية في أماكن جديدة داخل الجسم، استعدادًا لاختراقها والتوطن فيها. [3][4]
تكوّن الورم الثانوي
إذا وصلت الخلايا السرطانية إلى مكانٍ يوفر لها الظروف المثالية للنمو من أوكسجين وغذاء، تبدأ بالانقسام من جديد، لتُنشئ ورمًا ثانويًا أو ما يُعرف بالسرطان النقيلي، وهي المرحلة الأخطر في رحلة المرض. [3][4]
اقرأ أيضاً: خرافات حول الإصابة بالسرطان.
عوامل تزيد خطر انتشار السرطان
لا يقتصر انتشار السرطان على خصائص الخلايا وسلوكها وحدها، بل تتأثر سرعة انتقاله أيضًا بعوامل بيولوجية وسلوكية تُضعف مناعة الجسم وتغذّي نمو الورم. ومن أبرز هذه العوامل الآتي: [3][4]
نوع السرطان
لا تتصرف جميع أنواع السرطان بالطريقة نفسها، فبعضها يظل محصورًا في مكانه الأصلي لفترات طويلة، بينما تكون أنواع أخرى أكثر عدوانية وتميل إلى الانتشار بسرعة في أنحاء الجسم. ويُحدَّد ذلك بناءً على نوع الخلايا المصابة وموقع الورم وخصائصه الجينية. [3][4]
ومن أنواع السرطانات التي تميل إلى الانتشار لمناطق أخرى: [3][4]
- سرطان الرئة الذي ينتقل بسرعة إلى الدماغ والعظام والغدة الكظرية.
- سرطان الثدي؛ فقد ينتشر إلى الكبد أو الرئتين أو العظام.
- سرطان القولون والمستقيم، الذي يميل إلى الانتقال إلى الكبد والرئتين.
- سرطان البنكرياس، ويعتبر من أكثر الأنواع عدوانية وسرعة في الانتشار.
ومن الأمثلة على السرطانات التي تظل محصورة في مكانها الأصلي: [3][4]
- سرطان الجلد القاعدي (Basal Cell Carcinoma)؛ فهو يظل محصورًا في الجلد ولا ينتشر إلا نادرًا.
- سرطان البروستاتا الموضعي؛ إذ يتطور ببطء وقد يظل لسنوات دون أن ينتشر خارج البروستاتا.
- سرطان الغدة الدرقية الحليمي.
التدخين
أظهرت عدة دراسات حديثة أن المدخنين المصابين بالسرطان أكثر عرضة لعودة المرض وانتشاره إلى أعضاء أخرى، مثل الكبد أو الرئتين أو العظام، مقارنة بغير المدخنين. ويُفسَّر ذلك باحتواء السجائر على آلاف المواد الكيميائية المسرطنة والسامة، من أبرزها: [3][4]
- البنزين.
- الفورمالدهيد.
- النيتروزامين
حيث تسبب هذه المواد التهابات مزمنة وتلفًا في الحمض النووي، وتُضعف جهاز المناعة المسؤول عن مقاومة الخلايا السرطانية. أضف إلى ذلك أن الدخان يُحفّز تكوين أوعية دموية جديدة (Angiogenesis) تغذي الورم وتُسهّل على الخلايا السرطانية الدخول إلى مجرى الدم والانتقال إلى أماكن بعيدة. [3][4]
شرب الكحول
يُسهم شرب الكحول في زيادة خطر انتشار السرطان وتفاقمه، كما يتحول الكحول داخل الجسم إلى مادة الأسيتالديهيد (Acetaldehyde)، وهي مركب سام يسبب تلف الحمض النووي (DNA) ويُحفّز حدوث طفرات جينية تُسرّع من نمو الخلايا السرطانية وانتشارها. وقد أظهرت الدراسات أن الإفراط في شرب الكحول يؤدي إلى الآتي: [3][4]
- ارتفاع مؤشرات الالتهابات المزمنة في الجسم.
- ضعف جهاز المناعة وقدرة الجسم على مقاومة الخلايا السرطانية.
- إرهاق الكبد المسؤول عن تنقية الدم من السموم، مما يجعله أكثر عرضة للإصابة بالسرطان.
- اختلال توازن الهرمونات، لا سيما الإستروجين، مما يزيد من خطر انتشار سرطان الثدي.
- تقليل فعالية العلاج الكيميائي والإشعاعي، إذ يُؤثر الكحول في امتصاص الأدوية واستقلابها داخل الكبد، ما يحدّ من فعاليتها.
الإفراط في تناول السكريات
تتغذّي الخلايا السرطانية على الجلوكوز كمصدر رئيسي للطاقة، لذلك فإن الإفراط في تناول السكريات والمشروبات المحلّاة يُوفّر بيئة مثالية لنموها وتكاثرها. وعند ارتفاع مستوى السكر في الدم، يُفرز الجسم كميات أكبر من الإنسولين وعامل النمو المرتبط بالإنسولين (IGF-1)، وهما هرمونان يُحفّزان انقسام الخلايا ويُسهمان في تسريع نمو الأورام وانتشارها. [3][4]
وقد أكدت ذلك دراسة حديثة حيث لوحظ أن المرضى الذين يتبعون نظامًا غذائيًا عالي السكريات غالبًا ما يكون لديهم معدلات أعلى لعودة السرطان أو انتقاله، خصوصًا في حالات سرطان الثدي والقولون والبنكرياس. [3][4]
السمنة وقلة النشاط البدني
تُعد السمنة وقلة الحركة من أبرز العوامل التي تُزيد خطر تطور السرطان وانتشاره بعد الإصابة؛ لأنها تُسبّب التهابات مزمنة منخفضة الدرجة نتيجة تراكم الخلايا الدهنية، وهذه الالتهابات تُطلق مواد تُحفّز نمو الأوعية الدموية الجديدة (Angiogenesis) وتُنشّط انقسام الخلايا السرطانية. [3][4]
كما تؤدي زيادة الدهون في الجسم إلى اضطراب في إفراز بعض الهرمونات، مثل: [3][4]
- الإستروجين: الذي يرتفع بشكل ملحوظ لدى النساء المصابات بالسمنة، ويُحفّز نمو أورام الثدي والرحم.
- الإنسولين وعامل النمو المرتبط بالإنسولين (IGF-1): وهما من أهم العوامل التي تُسهم في تسريع انقسام الخلايا وانتشار السرطان.
ضعف جهاز المناعة
يُعد جهاز المناعة خط الدفاع الأول ضد الخلايا السرطانية، إذ يكتشفها ويدمّرها قبل أن تتمكّن من النمو أو الانتشار. ولكن عندما يضعف هذا الجهاز لأي سبب، تزداد فرصة نجاة الخلايا السرطانية وهروبها من الرقابة المناعية. [3][5][6]
تُضعف المناعة لأسباب متعددة، منها: [3][4]
- العلاجات المثبطة للمناعة مثل العلاج الكيميائي أو الكورتيزون لفترات طويلة.
- الأمراض المزمنة كداء السكري، أو العدوى الفيروسية المستمرة (مثل التهاب الكبد أو الإيدز).
- سوء التغذية ونقص الفيتامينات والمعادن الضرورية لوظائف الخلايا المناعية.
- الإجهاد النفسي وقلة النوم، اللذان يرفعان مستويات هرمون الكورتيزول المثبّط للمناعة.
قد يهمك أيضًا: مراحل السرطان.
التأخر في التشخيص والعلاج
كلما تأخر اكتشاف الورم، ازدادت فرصة الخلايا السرطانية في الانقسام والانتقال إلى أعضاء أخرى من الجسم، مما يجعل السيطرة على المرض أكثر صعوبة ويقلّل من فعالية العلاج. [3][4]
ففي المراحل المبكرة، يكون السرطان غالبًا محصورًا في مكانه الأصلي ويمكن استئصاله جراحيًا أو السيطرة عليه بالعلاج الدوائي، بينما في المراحل المتقدمة قد تكون الخلايا قد انتشرت بالفعل إلى الكبد أو الرئتين أو العظام، ويحدث التأخر في التشخيص لأسباب عديدة، مثل: [3][4][6]
- إهمال الفحوصات الدورية أو تجاهل الأعراض المبكرة كالتعب المستمر أو فقدان الوزن غير المبرر.
- الخوف من التشخيص أو من العلاج، مما يدفع البعض إلى تأجيل مراجعة الطبيب.
- نقص الوعي الصحي حول أهمية الكشف المبكر والفحوص الوقائية.
نصيحة الطبي
يحدث انتشار السرطان عندما تكتسب الخلايا المصابة طفرات جينية تجعلها قادرة على الانفصال عن الورم الأصلي وغزو أنسجة وأعضاء أخرى عبر الدم أو الجهاز اللمفاوي. وتزداد سرعة هذا الانتشار بتأثير عوامل مثل التدخين، الكحول، السمنة، ضعف المناعة، وتأخر التشخيص أو العلاج.
لا حاجة لمغادرة المنزل مع الطبي! احصل على استشارة طبية الآن، واطمئن على صحتك من منزلك بكل راحة وسرية تامة!
nbsp تتم الخطوات التي يجرى خلالها علاج الاورام السرطانية بالاشعة كما يلي تثبيت الجسم قبل البدء بالعلاج بالاشعة الخارجية والذي ...
اقرأ أكثر
اقرا ايضاً :