هل تسرق الهواتف والأجهزة الذكية صحة قلب طفلك؟

نشكو جميعًا من تأثير الهواتف والأجهزة الذكية على تركيز أطفالنا وبصرهم، وكيف تلهيهم عن دراستهم وواجباتهم المنزلية، ولكن يبدو أن القصة لا تنتهي هنا! فقد كشفت دراسة دنماركية أن الإفراط في استخدامها لا يُرهق العين فقط، بل يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب في سن مبكرة!

أرقام مقلقة: كل ساعة أمام الشاشة تُضعف قلب طفلك!

تابعت دراسة دنماركية حديثة أكثر من ألف طفل ومراهق تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عامًا؛ لمعرفة كيف يؤثر قضاء ساعات طويلة أمام الهواتف والأجهزة الذكية على صحة القلب.

لكن الأرقام كانت صادمة! فقد كشفت النتائج، التي نُشرت في مجلة جمعية القلب الأمريكية، أن كل ساعة إضافية أمام الشاشة كفيلة برفع مؤشر خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 0.08 وحدة لدى الأطفال.

وكان هذا التأثير أقوى وأوضح لدى المراهقين؛ إذ ارتفع المؤشر إلى 0.13 وحدة لكل ساعة إضافية أمام الشاشة، وحذر الباحثون إلى أنّ خطر الأجهزة على القلب يتضاعف مع التقدم في العمر وكلما طال زمن استخدام هذه الأجهزة.

جيل كامل في خطر: الضوء الأزرق يرهق قلب طفلك!

أشارت الدراسة أن الضوء الأزرق المنبعث من الهواتف والأجهزة الذكية  هو العامل الأخطر في هذه المعادلة، إذ لا يقتصر تأثيره على إجهاد العين أو اضطراب النوم، بل يُربك الساعة البيولوجية للجسم، مما يؤثر مباشرة على إفراز الهرمونات المسؤولة عن تنظيم ضغط الدم وسرعة الأيض، وهذا يؤدي مع مرور الوقت إلى إجهاد عضلة القلب وإضعافها تدريجيًا.

وقد أكدت نتائج الدراسة هذه العلاقة؛ فقد تبين أن  الأطفال الذين يقضون أكثر من 3 ساعات يوميًا أمام الشاشات ارتفعت لديهم قراءات ضغط الدم ومستويات الكوليسترول ومقاومة الإنسولين، وهي مؤشرات مبكرة تدل على تراجع صحة القلب وزيادة خطر الإصابة باضطرابات الأيضية.

أما بالنسبة للمراهقين، فكان الوضع أكثر خطورة، خصوصًا أنهم يقضون في المتوسط 6.1 ساعات يوميًا أمام الأجهزة الذكية، أي ما يعادل ربع يومهم، مما يُنهك أجسادهم ويسرق عافيتهم بصمت.

قلة النوم: عامل خطر خفي لأمراض القلب

هل تسمح لطفلك باستخدام هذه الأجهزة قبل النوم؟ احذر؛ فهي تُؤخر هرمون الميلاتونين المسؤول عن الشعور بالنعاس والنوم العميق، وهذا يجعل طفلك يدخل في دوامة من الإرهاق والتعب وقلة النوم.

وأشارت الدراسة أن قلة النوم والسهر الناتجين الاستخدام المفرط للأجهزة  الإلكترونية كانا السبب وراء نحو 12% من زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين.

كما بينت النتائج أن قراءات ضغط الدم والكوليسترول الضار لدى الأطفال الذين ينامون لأقل من 7 ساعات يوميًا كانت أعلى، مقارنةً بأقرانهم الذين يحصلون على 8- 10 ساعات من النوم.

اقرأ أيضًا: ما هي متلازمة الشاشات الإلكترونية؟

اكتشاف مذهل: الأجهزة الذكية تترك "بصمة في الدم"!

خلال الدراسة، استعان الباحثون بتقنية التحليل الجزيئي (Metabolomics)، وهي أداة متطورة تسمح بفحص آلاف الجزيئات الدقيقة داخل الدم؛ لمعرفة كيف تتأثر الخلايا والأنسجة في الجسم بالعوامل الخارجية، مثل قلة النوم والإفراط في استخدام الأجهزة الذكية.

وهنا اكتشف الباحثون "بصمة وقت الشاشة"، وهي تغيّرات دقيقة في جزيئات الدم تظهر لدى الأطفال والمراهقين الذين يقضون وقتًا طويلًا أمام الأجهزة الذكية، وكانت هذه التغيرات مشابهة لتلك التي تُلاحظ عادةً في المراحل الأولى من أمراض القلب.

ويرى الخبراء أن هذا الاكتشاف قد يفتح الباب أمام تطوير اختبار دم بسيط يمكنه الكشف عن عن أضرار الأجهزة الالكترونية على القلب مبكرًا قبل ظهور أي أعراض ملموسة.

كيف تحمي طفلك من أضرار الأجهزة الإلكترونية؟

صحيحٌ أن التكنولوجيا أصبحت جزءًا أساسيًا من روتين أطفالنا اليومي، ووسيلة ضرورية للتعلّم والدراسة، إلا أن تحديد وقت استخدامها خطوة لا غنى عنها لحماية صحتهم الجسدية والعقلية.

ولتحقيق ذلك، أوصى الباحثون باتباع الخطوات الآتية:

• كن قدوة لأطفالك، وقلل وقتك استخدامك للهاتف والأجهزة الذكية، وتذكر أن الأطفال يحبون تقليد الكبار دائمًا.
• حدّد لطفلك وقتًا لا يتجاوز ساعتين يوميًا لاستخدام هذه الأجهزة، سواء للدراسة أو الترفيه.
• راقب نوع المحتوى الذي يُشاهده أطفالك، وشجعهم على اختر التطبيقات التعليمية أو البرامج الهادفة.
• اطلب منه ترك الجهاز كل 30- 45 دقيقة؛ لينظر بعيدًا عن الشاشة ويقوم ببعض الحركات البسيطة أو تمارين التمدد.
• خصص ساعة للقيام بأنشطة عائلية دون استخدام هذه الأجهزة، مثل حل الألغاز، أو اللعب أو طهي وجبة لذيذة.
• امنع طفلك من استخدام هذه الأجهزة قبل النوم بساعتين على الأقل.
• قدم بدائل ذكية وشجع طفلك على ممارسة أنشطة أخرى ممتعة، مثل:
  • الخروج في نزهة في الهواء الطلق.
  • اللعب مع أصدقائه في الحديقة.
  • الرسم والتلوين.
  • قراءة كتب ممتعة ومسلية قبل النوم.

قد يهمك: إدمان الإنترنت والشاشات الإلكترونية.

نصيحة الطبي

التكنولوجيا سلاح ذو حدين، والاستفادة منها يحتاج إلى وعي وضبط، فكل ساعة يقضيها طفلك أمام هاتفه الذكي وأجهزته الإلكترونية تجهد قلبه وتجعله أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب.

لذا ابدأ اليوم بخطوة بسيطة، وحدد وقت استخدام هذه الأجهزة، ولا تتردد في مراجعة الطبيب إذا لاحظت أن طفلك منشغل دائمًا بهذه الأجهزة، وفشلت جميع الطرق لإبعاده عنها.