كثيرًا ما نسمع بمصطلحي التداخل الدوائي أو التفاعل الدوائي، كما يمكن أن نجد كل منهما مكتوبًا في النشرات الخاصة بالأدوية المختلفة، فما هي التداخلات الدوائية؟ وما هي أنواعها؟ وهل هي خطيرة؟

كل ذلك نجيب عنه في المقال التالي، كما سنذكر عدد من النصائح التي تساعد في تجنب وتقليل خطر حدوث التفاعلات الدوائية.

ما هو التداخل الدوائي؟

يعرف التداخل الدوائي (بالإنجليزية: Drug Interaction) على أنه تغير يحدث في الطريقة التي يعمل بها الدواء داخل الجسم، وذلك عند تناوله مع بعض أنواع الأدوية الأخرى، أو المكملات الغذائية، أو الأطعمة، أو عند تناوله من قبل المرضى المصابين ببعض الأمراض والمشكلات الصحية. [1،2]

يتسبب التفاعل الدوائي بجعل الدواء أكثر أو أقل فعالية، كما يمكن أن يجعل الدواء يتسبب بآثار جانبية غير متوقعة لدى المريض. [1،2]

هل التداخلات الدوائية خطيرة؟

تختلف شدة التداخلات الدوائية من حالة لأخرى، وتتراوح ما بين الخفيفة إلى الشديدة. ففي الحالات الخفيفة، يمكن أن يتسبب التداخل الدوائي بالشعور بالمرض أو التوعك بعد تناول الدواء أو عدم الحصول على النتائج المعتادة من الدواء، أما في الحالات الشديدة من التداخل الدوائي، فقد يشعر المريض بالتعب الشديد بعد تناول الدواء، كما يمكن أن يكون التفاعل الدوائي خطير ويهدد حياة المريض. [3]

ما هي أنواع التداخل الدوائي؟

يتم تقسيم التداخلات الدوائية إلى عدة أنواع، وهي ما يلي:

تداخل الدواء مع دواء آخر

يعد هذا النوع من التداخلات الدوائية أول ما يخطر في الأذهان عند ذكر مصطلح التداخل الدوائي، والذي يحدث نتيجة تناول نوعين أو أكثر من الأدوية معًا، ويشمل ذلك الحالات التالية: [2-4]

  • تناول دواء يؤثر على إحدى إنزيمات السيتوكروم P450، وهي إنزيمات مسؤولة عن عملية استقلاب الأدوية داخل الجسم، حيث يمكن أن يؤدي تثبيط أو تحفيز هذه الإنزيمات إلى تغيير مدة بقاء الأدوية التي يتم استقلابها بواسطة هذه الإنزيمات داخل الجسم، كما يمكن أن يزيد من احتمالية حدوث الأعراض الجانبية أو يقلل من فعالية هذه الأدوية.
  • تناول أدوية معًا تمتلك نفس التأثير، وهذا ما يتسبب بظهور أعراض جانبية تشبه الأعراض التي تحدث عند تناول جرعة زائدة من أحد هذه الأدوية.

فمثلًا، إن تناول دواء الوارفرين مع دواء الميترونيدازول سيتسبب بزيادة فعالية دواء الوارفرين وزيادة خطر الإصابة بالنزيف، ويحدث ذلك نتيجة تسبب دواء الميترونيدازول بتثبيط الإنزيم المسؤول عن تكسير وتحطيم دواء الوارفارين في الجسم. [4]

أيضًا، يمكن أن يؤدي تناول داوء الوارفارين مع دواء الإيبوبروفين أو النابروكسين إلى زيادة خطر الإصابة بالنزيف، وذلك لامتلاك هذه الأنواع من مسكنات الألم أيضًا تأثيرات مضادة للتخثر. [4]

تداخل الدواء مع مكمل غذائي

لا تقتصر التداخلات الدوائية على تناول دواء معين مع الأدوية الأخرى، وإنما يمكن أن يتأثر عمل هذا الدواء داخل الجسم عند تناوله مع أحد أنواع المكملات الغذائية، والتي تشمل الفيتامينات، والمعادن، والمكملات العشبية. [2،3]

ويعد هذا النوع من أنواع التفاعلات الدوائية الشائعة، نظرًا لتناول العديد من الأفراد للمكملات الغذائية، وخاصة تلك التي تتوفر في الصيدليات دون وصفة طبية. [3]

ومن الأمثلة عليه مساهمة مكملات الكالسيوم في التقليل من امتصاص بعض أنواع الأدوية، ومنها دواء الليفوثيروكسين. أيضًا، يمكن أن تقل فعالية هذا الدواء في حال تم تناوله مع مكملات الحديد. [3،4]

تداخل الدواء مع الطعام

يمكن أن تؤثر بعض أنواع الأطعمة والمشروبات على كيفية عمل الدواء داخل الجسم، ومن أشهرها عصير الجريب فروت الذي يعمل على تثبيط إنزيم السيتوكروم CYP3A4 المسؤول عن استقلاب العديد من أنواع الأدوية، وبالتالي سيتسبب تناولهما معًا بزيادة مستويات هذه الأدوية في الدم وبقاء هذه الأدوية لفترة زمنية أطول داخل الجسم. [3،4]

ومن الأدوية التي يحتمل أن تتفاعل مع عصير الجريب فروت ما يلي: [3]

  • الأدوية التابعة لمجموعة الستاتينات، ومنها الأتورفاستاتين.
  • دواء الفيكسوفينادين.
  • دواء النيفيديبين.
  • دواء البوسبيرون.
  • دواء البوديسونيد.

للمزيد: مصير الأدوية عند تناولها مع الجريب فروت

تداخل الدواء مع الكحول

يعد الكحول من المشروبات التي يمكن أن تتسبب بالعديد من التداخلات الدوائية، وعادة ما يتم تصنيف تفاعل الدواء مع الكحول كنوع خاص ومنفرد من أنواع التداخلات الدوائية. [2،3]

يمكن أن تختلف طبيعة تفاعل الكحول مع الأدوية، وذلك بناء على الدواء الذي تم تناوله. فمثلًا، يمكن أن يتسبب تناول بعض أنواع الأدوية بزيادة الآثار الجانبية والضارة للكحول على الكبد ومختلف أعضاء الجسم. أيضًا، يمكن أن يتسبب تناول الكحول بزيادة خطر حدوث النعاس لدى المرضى الذين يتناولون أدوية مثبطة للجهاز العصبي المركزي، ومنها: [3]

  • مضادات الهيستامين.
  • البنزوديازبينات.
  • الأدوية المنومة.

تداخل الدواء مع مرض معين

يحدث هذا النوع من أنواع التداخل الدوائي عندما يتسبب استخدام الدواء لدى المرضى المصابين بأحد الأمراض إما بالتأثير على المرض وجعله يتفاقم أو بزيادة خطر حدوث الآثار الجانبية الخاصة بالدواء. [2،3]

فمثلًا، يتسبب استخدام الأدوية المضادة للاحتقان لدى مرضى الضغط بزيادة خطر حدوث ارتفاع في ضغط الدم وعدم القدرة على السيطرة عليه. ويمكن أن يتسبب استخدام دواء الميتفورمين من قبل مرضى الكلى بزيادة مستويات هذا الدواء في الدم، مما يؤدي إلى زيادة خطر حدوث الآثار الجانبية لهذا الدواء. [2،3]

اقرأ أيضًا: 8 أدوية ترفع ضغط الدم

تداخل الدواء مع الفحوصات المخبرية

فمن الممكن أن يؤثر استخدام بعض أنواع الأدوية على النتيجة الخاصة بأحد الفحوصات المخبرية، وهذا ما يؤدي إلى إعطاء نتيجة خاطئة للفحص. [2]

كم احتمالية حدوث التداخلات الدوائية؟

تختلف احتمالية حدوث التفاعلات الدوائية من دواء لآخر، كما تزداد احتمالية حدوثها في حال كان المريض يتناول عدد أكثر من الأدوية في آن واحد. أيضًا، يوجد عدد من العوامل التي تتسبب بزيادة احتمالية حدوث التداخل الدوائي لدواء معين لدى بعض الأفراد دونًا عن غيرهم، ومنها: [2،4]

  • العوامل الوراثية.
  • وزن الفرد.
  • عمر الفرد، فمن الممكن أن تقل وظائف بعض أعضاء الجسم مع التقدم في السن، مثل الكبد أو الكلى، وهذا ما سيؤثر على استقلاب الأدوية وخروجها من الجسم.
  • جنس الفرد، فمن الممكن أن تؤثر التغيرات في الهرمونات وتشريح الجسم ما بين الذكور والإناث على احتمالية حدوث بعض التفاعلات الدوائية لديهم.
  • جرعة الدواء، ومدة استخدامه، والطريقة التي يتم إعطائه بها.

اقرا ايضاً :

سوء استعمال الأدوية المضادة للحموضة

كيف يمكن تجنب حدوث التداخلات الدوائية؟

يوجد عدد من النصائح التي تساعد في تجنب حدوث التداخلات الدوائية أو التقليل منها، ومن هذه النصائح ما يلي: [4،5]

  • حصول الفرد على معلومات كافية لجميع أنواع الأدوية التي يتناولها، بما في ذلك دواعي استخدامها، وطريقة أخذها، وجرعتها، ويشمل ذلك الأدوية الموصوفة أو التي تستخدم دون وصفة طبية.
  • البحث عن التفاعلات الدوائية الخاصة بالأدوية المتناولة، ويتضمن ذلك قراءة نشرات الأدوية الخاصة بها أو استخدام المواقع التي توفر خدمة الكشف عن التفاعلات الدوائية بين الأدوية التي يتناولها المريض.
  • الحرص على شراء الأدوية من صيدلية محددة، فمعرفة وتدوين الصيدلاني للأدوية التي يتناولها المريض يمكن أن تساعد على اكتشاف أي تفاعلات دوائية بين الأدوية الحالية أو مع التي سيتم صرفها في المستقبل.
  • استشارة الطبيب والصيدلاني حول إمكانية تناول كل من الكافيين، أو الكحول، أو غيرها من الأطعمة والمشروبات مع الدواء المراد تناوله.
  • إخبار الطبيب والصيدلاني حول جميع الأدوية، والمكملات الغذائية، والفيتامينات، والمعادن التي يتناولها المريض قبل البدء بتناول أي دواء جديد.
  • إخبار الطبيب والصيدلاني بجميع الأمراض والمشكلات الصحية التي يعاني منها المريض قبل البدء بتناول أي دواء جديد.

نهاية، تتعدد أنواع التداخلات الدوائية والتي تتضمن تفاعل الدواء مع دواء آخر، أو مكمل غذائي، أو الكحول، أو تأثر عمل هذا الدواء نتيجة للإصابة ببعض الأمراض. ويمكن أن تتراوح شدة التداخل الدوائي ما بين الطفيفة إلى الخطيرة والمهددة لحياة المريض.

ولهذا، يجب دائمًا استشارة الطبيب والصيدلاني قبل استخدام أي دواء أو مكمل غذائي جديد، وإخباره حول جميع الأدوية والمكملات الغذائية الموصوفة أو غير الموصوفة والأمراض التي يعاني منها المريض قبل البدء باستخدام الدواء الجديد.

اقرأ أيضًا: مخاطر استخدام الأدوية غير المرخصة