العلاج الجديد "كابوتغرافير" يُعطى كل شهرين للوقاية من فيروس HIV بفعالية كبيرة، ويستهدف الفئات غير القادرة على تناول الحبوب اليومية، مما ساهم في خفض خطر الإصابة بالفيروس بنسبة تصل إلى 88% مقارنةً بالحبوب.
أعلنت هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا (NHS) عن اعتماد أول علاج وقائي من نوعه ضد فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) على شكل حقنة تُعطى مرة واحدة كل شهرين، وتوفر حماية شبه تامة من الإصابة بالفيروس.
الدواء الجديد يُعرف باسم كابوتيغرافير (بالإنجليزية: Cabotegravir)، ويُسوّق تحت الاسم التجاري Apretude من إنتاج شركة ViiV Healthcare، وقد حصل رسميًا على توصية من المعهد الوطني للصحة والرعاية المتميزة (NICE) ليُستخدم كخيار وقائي للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس، خصوصًا لمن لا يستطيعون تناول الأقراص اليومية الخاصة بالوقاية المعروفة باسم PrEP.
سد فجوة علاجية
لم يُصمم العلاج الجديد ليحل محل الحبوب اليومية بشكل كامل، بل ليوفر حلاً حيوياً للأشخاص الذين لا يستطيعون تناول العلاج الوقائي الفموي. ومن المتوقع أن يستفيد من هذا الخيار ما يصل إلى 1000 شخص سنوياً في إنجلترا يواجهون عوائق تمنعهم من الالتزام بالحبوب اليومية، سواء لأسباب طبية، أو صعوبات في البلع، أو تحديات أخرى.
خطوة نحو إنهاء انتقال فيروس HIV بحلول عام 2030
تأتي هذه الموافقة في إطار خطة بريطانيا الطموحة لتصبح أول دولة في العالم تنهي انتقال عدوى HIV نهائيًا بحلول عام 2030.
وقالت هيلين نايت، مديرة تقييم الأدوية في (NICE): "هذه أول معالجة وقائية عن طريق الحقن، وهي توفر خياراً فعالاً لهذه الفئة المحددة التي تواجه عوائق حقيقية". وأضافت أن الهيئة ملتزمة بتقديم الأدوية المبتكرة للمرضى بسرعة مع ضمان القيمة مقابل المال.
من جانبه، وصف وزير الصحة البريطاني، ويس ستريتينغ، القرار بأنه "سيغير قواعد اللعبة"، ويمثل "أملاً" للفئات الضعيفة غير القادرة على استخدام وسائل الوقاية الأخرى.
وأضاف ستريتينغ: "نحن نحرز تقدماً حقيقياً، وهذه الحقنة الثورية هي أداة قوية أخرى للوصول إلى هدفنا الحاسم بإنهاء انتشار الفيروس بحلول 2030".
كما رحبت الجمعية البريطانية لفيروس نقص المناعة البشرية بالقرار، مبينةً أن هذا العلاج سيحسن كثيرًا من حياة الآلاف، خاصة الأفراد الهشة والحساسة، مثل النساء.
وتأتي هذه الموافقة في وقت تُظهر فيه بيانات وكالة الأمن الصحي البريطانية (UKHSA) ارتفاعاً ملحوظاً في استخدام العلاج الوقائي الفموي، حيث وصل إليه أكثر من 111 ألف شخص في إنجلترا خلال عام 2024، بزيادة 7.7% عن عام 2023. وفي المقابل، شهدت نفس الفترة انخفاضاً في التشخيصات الجديدة بالفيروس بنسبة 2%.
كيف تعمل الحقنة الجديدة؟
ينتمي كابوتيغرافير إلى فئة من الأدوية تُعرف باسم مثبطات الإنزيم المدمج (بالإنجليزية: Integrase Inhibitors)، وهو يعمل على منع الفيروس من الاندماج في خلايا الجسم وتكاثره، ما يمنح حماية مستمرة بين الجرعات.
ويُعطى الدواء عن طريق الحقن في العضل (عادة في منطقة الأرداف) كل شهرين، بواسطة مختصين في عيادات الصحة الجنسية المعتمدة.
متى وكيف تؤخذ حقنة كابوتيغرافير؟
يُستخدم كابوتيغرافير كوسيلة للوقاية قبل التعرّض للفيروس (PrEP)، أي قبل حدوث أي تعرّض محتمل لفيروس HIV، ويُستمر في استخدامه طالما استمر خطر التقاط العدوى.
وتُعطى الحقن عادة كل شهرين، ولكن الجدول الزمني في البداية يختلف قليلًا:
- تبدأ بجرعة أولى (حقنة واحدة).
- بعد شهر، تُعطى الجرعة الثانية.
- بعد ذلك، يتم تكرار الحقنة كل شهرين بانتظام.
ويمكن أيضًا تناول أقراص كابوتيغرافير اليومية لمدة شهر واحد قبل بدء الحقن، وذلك للتأكد من تحمّل الجسم للدواء، إذ يمكن التوقف عنها بسهولة في حال ظهور آثار جانبية، واستبدالها بوسيلة وقاية أخرى.
هل يوفر كابوتيغرافير حماية تامة؟
تشير الدراسات إلى أن كابوتيغرافير يقلل خطر الإصابة بفيروس HIV بنسبة تصل إلى نحو 88% عند استخدامه بانتظام ضمن برنامج الوقاية قبل التعرض.
ويوفر الدواء الحماية طوال فترة الشهرين، لكنها تنخفض تدريجيًا بعد التوقف عن الحقن، وعلى الرغم من بقاء كميات صغيرة من الدواء في الجسم لعدة أشهر، إلا أنه لا يمكن ضمان توفيرها الحماية الكافية ضد الفيروس.
وتُشدد الجهات الصحية على ضرورة استخدام حقنة كابوتيغرافير إلى جانب الوسائل الأخرى، مثل استخدام الواقيات الذكرية؛ لتقليل خطر الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًا الأخرى.
سيتم توفير الحقنة الجديدة عبر عيادات الصحة الجنسية المتخصصة في بريطانيا، كجزء من رعاية شاملة تتضمن اختبارات منتظمة ومراقبة مستمرة، ومن المتوقع أن يبدأ طرح العلاج خلال 3 أشهر من نشر التوجيهات النهائية من NICE.