أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) أنها باشرت إجراءات تعديل النشرة الدوائية الخاصة بالمسكّن الشائع الباراسيتامول (بالإنجليزية: Paracetamol) أو المعروف أيضًا بالأسيتامينوفين، وذلك بعد مراجعة أدلة علمية تشير إلى احتمال وجود علاقة بين استخدامه أثناء الحمل وزيادة خطر إصابة الأطفال لاحقاً باضطرابات عصبية، مثل التوحّد (بالإنجليزية: Autism) واضطراب فرط الحركة وتشتّت الانتباه (بالإنجليزية: ADHD).
كما وجّهت الإدارة خطاباً رسمياً إلى الأطباء في جميع أنحاء الولايات المتحدة للتنبيه إلى هذه المخاطر المحتملة، استناداً إلى نتائج دراسات وبحوث واسعة النطاق، مثل Nurses’ Health Study II وBoston Birth Cohort، مع إشارة بعض الدراسات إلى أن الخطر قد يكون أكثر وضوحاً عند تناول الدواء بشكل مزمن طوال فترة الحمل.
منظمة الصحة العالمية والوكالات الأوروبية تنفي وجود رابط مباشر
في المقابل، أكدت منظمة الصحة العالمية (WHO) أن الأدلة المتوفرة حتى الآن غير كافية ولا تزال متضاربة، محذّرة من التسرّع في استنتاج علاقة سببية بين الباراسيتامول والإصابة باضطرابات النمو العصبي عند الأجنّة المعرّضين له في فترة الحمل.
وقال المتحدث باسم المنظمة طارق ياساريفيتش في مؤتمر صحفي بجنيف: "الأدلة المتاحة غير متسقة، وبالتالي لا يمكن استخلاص استنتاج قاطع في الوقت الراهن."
من جهتها، أوضحت الوكالة الأوروبية للأدوية (EMA) أنه لا توجد بيانات جديدة تستدعي تغيير التوصيات الحالية، مؤكدة أن الباراسيتامول يمكن استخدامه أثناء الحمل عند الحاجة، شرط الالتزام بأقل جرعة ممكنة ولأقصر فترة زمنية.
بين التحذيرات والواقع الطبي
على الرغم من الجدل القائم، اعترفت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أنه لم يتم إثبات وجود علاقة سببية مباشرة بين الباراسيتامول والحالات العصبية، كما توجد دراسات علمية مناقضة.
ويظل الباراسيتامول حتى الآن المسكن وخافض الحرارة الوحيد المسموح باستخدامه دون وصفة طبية أثناء الحمل، بخلاف أدوية مثل الأسبرين والإيبوبروفين التي ارتبطت بأضرار مثبتة على الجنين. كما أن الحمّى المرتفعة لدى الحوامل بحد ذاتها قد تشكّل خطراً على صحة الجنين، ما يجعل الاستخدام الحذر للباراسيتامول خياراً ضرورياً في بعض الحالات.