كشفت إحصائية حديثة أنّ نصف الآباء تقريبًا يعتقدون أن العمر بين 12 هو الأنسب لمنح الطفل هاتفه الأول، في حين اعترف 16% فقط بأنهم سمحوا لأطفالهم بالحصول عليه في سن مبكرة بين 9- 11 عامًا. ولكن دراسة أمريكية حذرت أنّ ما يظنه البعض قرارًا عاديًا قد يكون أخطر خطوة على صحة الطفل العقلية والجسدية، وقد يفتح الباب لمشكلات تمتد آثارها لسنوات قادمة.
دراسة تكشف: ما خطر حصول الطفل على هاتف قبل سن 12 سنة؟
على مدى عامين كاملين، قام فريق بحثي من مستشفى الأطفال في فيلادلفيا بالتعاون مع جامعة كاليفورنيا بيركلي وجامعة كولومبيا بتحليل بيانات واحدة من أضخم الدراسات الأميركية المعنية بتطور الدماغ لدى المراهقين. ومن بين 10,588 طفلًا ومراهقًا شملتهم الدراسة، اكتشف الباحثون أن 6,739 منهم كان لديهم هاتفهم الخاص بالفعل.
لكن الصدمة كانت في أن الأطفال الذين حصلوا على هواتفهم قبل سن 12 عامًا كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاضطرابات النفسية وقلة النوم، بل حتى الأطفال الذين حصلوا على هواتفهم بين 12- 13 عامًا لم يكونوا بمنأى عن الخطر، إذ سجلوا معدلات أعلى من الاكتئاب واضطرابات النوم مقارنة بمن حصلوا على الهاتف في عمر أكبر.
اقرأ أيضًا: أضرار الهاتف على الأطفال والمراهقين.
اكتئاب وسمنة وقلة نوم: خطرٌ ثلاثي يُهدد حياة الأطفال
أشار الباحثون إلى أهمية مرحلة الطفولة وتأثيرها على تطور الدماغ، وحصول الطفل على هاتفه الخاص مبكرًا يُؤثر سلبًا على هذه المرحلة للأسباب الآتي:
- تزيد الإشعارات المستمرة التوتر وتشتت تركيز الطفل.
- يُعطّل السهر المتكرر من إفراز الميلاتونين (هرمون النمو).
- تحفز الألعاب الإلكترونية إفراز جرعات عالية من الدوبامين وتجعله أكثر عرضة للإدمان السلوكي.
- تزيد مواقع السوشال ميديا الضغط النفسي خصوصًا مع المقارنات المستمرة.
وهذه العوامل تفسّر ارتفاع معدلات الإصابة بالاكتئاب، والسمنة واضطرابات النوم بين الأطفال الذين يحصلون على هواتف في سن مبكرة. الكارثة الحقيقية أنّ هذه المخاطر ليست بسيطة، بل قد تتطور مع مرور الوقت إلى أمراض مزمنة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري من النوع الثاني، بل وحتى زيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان.
قد يهمك: أضرار استخدام الهواتف بشكل مفرط.
الهاتف الأول لطفلك: كيف تعرف العمر المناسب؟
يرى بعض الباحثون أنّ 12- 14 سنة هو عمرٌ مناسب ليحصل طفلك على هاتفه الأول، خاصة إذا وُجدت حاجة فعلية لذلك، ففي هذه المرحلة يبدأ الطفل بإظهار قدر أكبر من النضج والوعي، ويصبح أكثر قدرة على استخدام الهاتف بذكاء واحترام القواعد الرقمية.
ومع ذلك، يشير خبراء آخرون إلى أن العمر ليس العامل الوحيد الذي يحدد جاهزية الطفل، بل هناك مجموعة من المؤشرات المهمة التي ينبغي على الأهل تقييمها، مثل:
- مدى قدرته على الحفاظ على أغراضه.
- فهمه لمفهوم الخصوصية الرقمية واتباع التعليمات.
- وعيه بمخاطر الإنترنت ومشاركة المعلومات.
- صحته النفسية ومدى تأثره بالتعليقات السلبية.
- قدرته على ضبط النفس والالتزام بواجباته اليومية.
- تحمله للمسؤولية.
كما ينبغي مراعاة سبب رغبة الطفل في الحصول على الهاتف؛ فقد يكون بهدف التواصل مع العائلة، أو بسبب شعوره بأنه مستبعد من أقرانه، أو اعتقاده بأن الحصول على هاتف يدل على النضح والاستقلالية، أو لمجرد الترفيه واستخدام التطبيقات والألعاب المسلية.
قد يُهمك: إدمان الإنترنت.
توصيات لتحمي طفلك من مخاطر الهاتف والأجهزة الذكية
أكد الباحثون أنّ الهاتف سلاحٌ ذو حديّن ويُمكنك أن تعلم طفلك الطريقة الصحيحة لاستخدامه، وقد تُساعد الإرشادات الآتية على تقليل الخطر بشكلٍ كبير:
- ضع قواعد واضحة منذ اليوم الأول، وحدد عدد الساعات ونوعية المحتوى الذي يستطيع طفلك مشاهدته.
- امنعه من استعمال الهاتف قبل ساعتين على الأقل من موعد النوم.
- لا تسمح باستخدام الأجهزة الذكية أثناء الدراسة أو الأكل.
- فعّل إعدادت الخصوصية والرقابة الأبوية بما يناسب عمر طفلك.
- تابع جميع التطبيقات التي يستخدمها.
- علّمه استثمار وقته في تعلّم مهارات جديدة واستخدام تطبيقات تعليمية مفيدة.
- كافئه على سلوكه الصحيح.
- كن صارمًا ولا تسمح له بتجاوز التعليمات والقواعد التي وضعتها.
نصيحة الطبي
قد يبدو الهاتف هدية بسيطة، لكنه قرار قد يؤثر على صحة طفلك ونفسيته لسنوات. فالحصول عليه مبكرًا يزيد من خطر الاكتئاب وقلة النوم والسمنة.
قبل التفكير بالعمر، ركّز على نضج طفلك وحاجته الفعلية للهاتف، وضع له قواعد واضحة من اليوم الأول. وتذكّر: الهاتف قد يساعد طفلك… أو يضره، وكل ذلك يعتمد على طريقة استخدامه.