يقول الله عز وجل (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ).

( و من احد معاني البر لغويا : المكان المتسع الفسيح المريح الذي يجلب السعادة ) .

و يقول أبراهام لنكولن محرر العبيد والزعيم الأمريكي الراحل :" كلما تقدم عمرك ستكتشف ان لديك يدان , واحدة لمساعدة نفسك , والأخرى لمساعدة الآخرين " .

ان العطاء لا تنحصر نتائجه على المحتاجين بل على المعطين ايضا . انه معاكس تماما للأنانية والبخل . فهو نوع من الكرم والخلق الرفيع إذ انه لا يرتبط بأيه توقعات شخصية .

فأفضل العطاء من القلب. حينما تمد يدك لترفع وتنشل به شخصا أخر .... انه افضل تدريب للنفس حينما تنزل الى الأسفل لترفع الى الأعلى شأن إنسان أخر .

فالعطاء هو السلوك المتميز بالإيثار والشعور بالانتماء الإنساني والخلقي التلقائي الموجه لشخص او مجموعة من الناس دون قيود او شروط سابقة او لاحقة . يخلو من انتظار أي ردود فعل .

انه العمل التلقائي المتدفق من القلب مباشرة تجاه الانسان والكائنات الاخرى والحياة , فيتجاوز حدود الواجب والولاء والالتزام العرفي والاجتماعي , لان في الولاء والالتزام و الواجب قيود " التزام تجاه الأخر " . انه يعتمد على نظرة ومفهوم الإنسان للحياة و للانسانيه , وليس مجرد إجراء السلوك العطائي فقط .

و العطاء يحوي شتى أنواع السلوكيات الإنسانية ذات المنفعة للآخرين من المودة و الحنان و العاطفة لقلب الطفل, والمريض , والكبير , والمسكين , و أصحاب الكروب والاحتياجات .

  و إعطاء الفرصة للشكوى , والتلاطف و التعاطف , والمساعدة المالية , والتثقيف , والتعليم , والإسناد , والتوجيه , والمشاركة , والمساعدة في الجهد والوقت والمعرفة .... الخ .

 ولا يستثنى من ذلك أي إنسان بغض النظر عن عرقه ودينه وحتى الاشخاص غير المحتاجين , ولنا في قول الرسول عليه الصلاة والسلام " لا تباغضوا ولا تقاطعوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا " خير مثال .

انه أقوى وسيلة لإسعاد الذات كما تؤكد معظم الابحاث . حينما تصبح احتياجات الناس أمامك وتحلها بالعطاء , وفي هذه الآلية فان الانسان يجد ذاته , ويتمتع بطعم الحياة و أهدافها , ناهيك أنها ترفع الهم والكرب عن الآخرين , وتزيل عنهم الشعور بالحزن والحسرة وتحديات الحياة .

للمزيد:

هل السعادة غاية أم وسيلة؟ وما هي متطلباتها؟

و أثبتت أبحاث عام 2007 .أن الأشخاص ذوي العطاء يختلف وظائف أجزاء من أدمغتهم عن البخلاء . ذلك أن الاشخاص الذين يعطون تتأصل لديهم هذه الممارسة في عقليتهم ونظرتهم الى العالم والآخرين , وليست فقط مجرد ممارسة سلوكية مجردة من الإحساسات النفسية والروحانية , أي ان هناك اختلاف في المفاهيم والنظرة الوجودية للإنسان والعالم و الحياة . .

أما التغيرات الهرمونية الدماغية في عملية العطاء:

فالعالمان " Jorge Mall – Jordan Garamfan جيوردن جرامفان , و جورج مال " في علم الأعصاب وجدا دلالات علمية باستخدام الرنين المغناطيسي عام 2006 ان العطاء يستحث جزئين هامين من الدماغ في المركز العاطفي ما يعرف ب " ميزولمبيك - Mesolimbic " و ( Sublingual cortex – سيبلونغيوال ) , واللذان يؤديان وظيفة التعزيز السلوكي . أي اعادة وتكرار نفس السلوك بعد الشعور بالنشوة والفرح , واستحثاث المنطقة الدماغية المسؤولة عن الانتماء الاجتماعي والشعور بالروابط الاجتماعية العاطفية الدافئة والحميمة , وان العطاء لا يعمل على تثبيط الأنانية فقط , بل يؤدي الى الشعور بالغبطة , والسعادة .

أعاني من عدم التركيز بحياتي من ناحية شغل البيت أو الجلسة مع الأهل حتى فيه كلامي أكون مو مركزه كثير أوقات أقول كلام، ولا أعرف أرتبه أحس عقلي متبعثر أشعر بالإحراج كثر بسبب هالشي، وأحس بتشتت كثير حتى عندي عادة بس ما أدري هل هي فرط حركة أم لا تحريك رجلي اليمين باستمرار، حتى رقت النوم مرتاح إلا لما اسوي

اما عن فوائد العطاء على الجسم , والنفس , والروح , فالعطاء عمليه تؤدي الى تحرير الانسان من الضغوطات النفسية والجسدية , فالأبحاث والدراسات وجدت ان النتائج التالية للعطاء :

- بعض الابحاث وجدت انه ينشط جهاز المناعة الجسدية

- التقليل من الشعور بالألم الجسدية العضوية و الجسدية النفسية .

- استحثاث العواطف الايجابية التي تشعر الانسان بالحيوية , والطاقة , والاستمتاع و الصحة الجسدية .

- التقليل من الاتجاهات السلبية لدى الانسان كالنزعة العنفية , والعدوانية .

- تحسين الوضع الفسيولوجي للجسم " أي تنظيم عمل أجهزة الجسم بشكل سليم " بإزالة الضغوطات النفسية .

- الشعور بالمرح والانبساط والنشوة والفرح , وهذا ما يؤدي الى الاستمرارية في العطاء . و نتيجة لتكرار هذه المشاعر المريحة , وإزالة الضغوطات فان المزاج يكون دوماً في أحسن الأحوال .

- زيادة افرازات الهرمونات المخدرة الدماغية الطبيعية " Endorphins – الاندورفين " وهذا ايضا ما يساعد على المزيد من الارتياح والنشوة , وتعزيز السلوك العطائي , ويؤدي الى ارتفاع المزاج .

 

وبالتالي فان إحدى الوسائل الكبرى لجلب السعادة هو ان تعطي شيئا الى غيرك دون انتظار ردود فعل .

انه العطاء الذاتي التلقائي..... انك تستطيع رؤية هذه السعادة من خلال وجوه الآخرين الذين أعطيتهم ,من خلال ابتسامة الطفل والشيخ , والمريض.... , ومن خلال العلاقة الحميمة الدافئة بينك وبينهم .

فالعطاء كالعطر يصيبك قبل الآخرين , انه الذي يجعلك تشعر بالسعادة حينما تعطي الآخرين بحرية .

و اعلم انك سوف تبقي من خلال ذلك مكانا شحيحا للشعور بالكآبة والحزن .وتبني مكانا فسيحا للشعور بالسعادة والمرح والارتياح لك أولا ومن ثم للذين أعطيتهم, فكما يؤكد الباحثون ان الانسان الذي يعطي يشعر بالسعادة اكثر من الذي يأخذ .

 

اقرا ايضاً :

 الاهتمام واللامبالاة وتأثيرهما على سلوك الإنسان