عندما نتحدث عن تلوث الهواء، غالبًا ما يتبادر إلى أذهاننا أمراض الرئة والجهاز التنفسي، لكن العلم يكشف اليوم عن أبعاد أكثر خطورة، حيث تؤكد أبحاث جديدة أن تأثير الهواء الملوّث قد يمتد إلى صحة نظر أطفالنا، وزيادة خطر الإصابة بالخرف مستقبلًا.
عيون أطفالنا في خطر
في دراسة نُشرت بمجلة PNAS Nexus، وجد الباحثون أن الأطفال الذين يتعرضون لمستويات مرتفعة من ملوثات الهواء، خاصة ثاني أكسيد النيتروجين والجسيمات الدقيقة (PM2.5)، كانوا أكثر عرضة للإصابة بضعف النظر مقارنة بغيرهم.
باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات ما يقرب من 30,000 طفل في عُمر المدرسة، كشفت الدراسة أن العوامل البيئية تساهم بشكل مباشر في تطور قُصر النظر، إلى جانب العوامل الوراثية، ونمط الحياة، مثل قضاء وقت طويل أمام الشاشات الذكية.
في الجهة الأخرى، أشارت الدراسة أن انخفاض مستويات تلوث الهواء ارتبط برؤية أفضل، خاصة لدى أطفال المدارس الابتدائية، وهذا يعني أن التدخل المبكر لتوفير هواء نقي يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا قبل تفاقم مشاكل الرؤية.
ورغم أن العلاقة لم تُثبت بشكل قاطع، يؤكد قائد البحث، البروفيسور زونغبو شي من جامعة برمنغهام، أنها "من أوائل الدراسات التي تنظر إلى تلوث الهواء كعامل خطر مهم وقابل للتعديل لقصر النظر في الطفولة".
هل يسبب الهواء الملوث الخرف؟
على صعيد آخر، تم تحديد تلوث الهواء مؤخرًا كأحد عوامل الخطر الرئيسية للإصابة بالخرف، ففي مراجعة علمية ضخمة شملت 51 دراسة وبيانات أكثر من 29 مليون شخص، وجد الباحثون أدلة متزايدة تدعم هذه الفرضية.
ويعتقد العلماء أن الملوّثات الدقيقة يمكن أن تصل إلى الدماغ مباشرة عبر الأعصاب الشمية، أو تنتقل من الرئتين إلى الدورة الدموية، مسببة التهابات واسعة النطاق وإجهادًا تأكسديًا، وهما عمليتان تلعبان دورًا رئيسيًا في ظهور وتطوّر أمراض الخرف، مثل الزهايمر.
رسالة واضحة.. حماية مجتمعاتنا تبدأ من الهواء
تحمل هذه الدراسات رسالة واضحة: إن معركتنا ضد تلوث الهواء هي معركة من أجل صحتنا الشاملة، من الطفولة إلى الشيخوخة. إن حماية الهواء الذي نتنفسه لم تعد مجرد قضية بيئية، بل هي ضرورة حتمية للحفاظ على مستقبل أطفالنا، وصحة كبارنا.
فريق الطبي موجود دائمًا للإجابة على استفساراتكم.