تقنية نانو ذكية تقتل اللوكيميا بفعالية 20,000 ضعف!

تقنية نانو ذكية تقتل اللوكيميا بفعالية 20,000 ضعف!

نجح فريق بحثي من جامعة نورث وسترن الأميركية في تحويل دواء كيماوي تقليدي ذو فعالية محدودة وسمية عالية إلى سلاح فتاك وموجه بدقة ضد الخلايا السرطانية، بعد إعادة تصميمه على مستوى النانو.

العلاج الجديد استطاع قتل الخلايا السرطانية بفعالية تفوق العلاج الأصلي بـ 20,000 مرة، مع تجنّب الآثار الجانبية التي طالما أرّقت مرضى السرطان، مما يبشر بعصر جديد من العلاجات الكيماوية الخالية من الأعراض الجانبية المدمرة.

من دواء عادي إلى "نانو-سلاح"

الفريق العلمي بقيادة البروفيسور تشاد ميركن – أحد أبرز رواد الكيمياء الحيوية – استخدم تقنية تُعرف بـ "الأحماض النووية الكروية" (Spherical Nucleic Acids - SNA)، وهي بنية نانوية دقيقة تُغلف نواة الدواء بسلسلة من الـDNA.

بهذا التصميم، تحوّل الدواء التقليدي 5-فلورويوراسيل (5-FU) – الذي يُعد من أقدم وأقسى أنواع العلاج الكيميائي – إلى مركّب ذكي يعرف طريقه إلى الخلايا السرطانية دون المساس بالخلايا السليمة.

كيف تعمل التقنية الجديدة؟

عادةً ما تكون أدوية السرطان الكيماوية ضعيفة الذوبان، مما يجعل امتصاصها في الدم محدوداً للغاية، على سبيل المثال، دواء 5-فلورويوراسيل الشهير، يذوب أقل من 1% منه يذوب في سوائل الجسم، مما يجعله غير فعال، ويجبر الأطباء على استخدام جرعات عالية تضر بالمريض.

لكن مع التقنية الجديدة، أعاد الباحثون بناء الدواء من الصفر داخل غلاف DNA نانوي، لتصبح الجزيئات أكثر انسيابية وقابلية للامتصاص داخل الجسم.

الأمر المذهل أنّ الخلايا السرطانية – وبشكل خاص خلايا ابيضاض الدم النخاعي الحاد (AML) – تمتلك مستقبلات خاصة تلتقط هذه الجسيمات الكروية تلقائياً، فتسمح بدخولها، ليتم تحرير الدواء ببطء داخل الخلية، وقتلها من الداخل.

20,000 ضعف في الفعالية

الدراسة، التي نُشرت في مجلة "ACS Nano"، اختبرت العلاج الجديد على نماذج حيوانية مصابة بـ "ابيضاض الدم النخاعي الحاد" (AML)، وهو سرطان دم (لوكيميا) شرس وسريع الانتشار.

النتائج كانت مذهلة وفارقة:

  • دخل الدواء الجديد إلى خلايا اللوكيميا بكفاءة أعلى 12.5 مرة من الدواء التقليدي.
  • نجح العلاج في قتل الخلايا السرطانية بفعالية أكبر بما يصل إلى 20,000 مرة.
  • أبطأ العلاج الجديد من تطور السرطان في الجسم بمقدار 59 ضعفاً.

والأهم من ذلك كله، أن كل هذه الفعالية تحققت "دون أي آثار جانبية يمكن رصدها"، بعكس العلاج الكيماوي التقليدي الذي يهاجم الأنسجة السليمة، مسبباً الغثيان والإرهاق وحتى فشل القلب.

مستقبل "طب النانو البنيوي"

يُعد هذا العمل مثالاً قوياً على إمكانات طب النانو البنيوي (Structural Nanomedicine)، وهو مجال حديث يجمع بين تصميم الجزيئات على المستوى الذري والتحكم بكيفية تفاعلها داخل الجسم.

ويقول البروفيسور ميركين: "لقد أظهرنا في النماذج الحيوانية أنه يمكننا إيقاف الأورام في مسارها. إذا تُرجم هذا إلى المرضى من البشر، فسيكون تقدماً هائلاً. سيعني ذلك علاجاً كيماوياً أكثر فعالية، ومعدلات استجابة أفضل، وآثاراً جانبية أقل".

وتشير الجامعة إلى أنّ 7 أدوية قائمة على هذه التقنية باتت قيد التجارب السريرية حالياً، تشمل علاجات محتملة لأمراض السرطان، والزهايمر، وأمراض المناعة الذاتية، والالتهابات المزمنة.

ويخطط الفريق الآن لاختبار الاستراتيجية على نماذج حيوانية أكبر، قبل الانتقال إلى التجارب السريرية البشرية، وهو ما قد يفتح الباب أمام جيل جديد من العلاجات الفعّالة للسرطان وغيره من الأمراض المستعصية.

هل وجدت هذا المحتوى الطبي مفيدا؟

حاصلة على درجة دكتور صيدلة من الجامعة الأردنية بتقدير ممتاز. 

[1] Luo, T., Kim, Y. J., Han, Z., Hwang, J., Kumari, S., Mayer, V., Cushing, A., Romero, R. A., & Mirkin, C. A. (2025). Chemotherapeutic spherical nucleic acids. ACS Nano. https://doi.org/10.1021/acsnano.5c16609

[2] Amanda Morris. New nanomedicine wipes out leukemia in animal study. Retrieved on the 12th of November, 2025.

تنبيه

المعلومات الطبية الموجودة على هذه الصفحة تهدف إلى التثقيف العام فقط، ولا تُعد بديلاً عن الاستشارة الطبية. يمكنك الوثوق بخبرة أطباء منصة الطبي المعتمدين للحصول على استشارة طبية دقيقة وشخصية عبر خدمات الرعاية الصحية عن بُعد، المتوفرة على مدار الساعة.

آخر مقاطع الفيديو من أطباء متخصصين

أحدث الفيديوهات الطبية

عرض كل الفيديوهات الطبية