شهدت عدة دول انتشارًا غير مسبوق للإنفلونزا هذا العام، وانعكس ذلك في ارتفاع الغياب المدرسي وتزايد الضغط على العيادات والمستشفيات. ومع تسارع انتشار الحالات يومًا بعد يوم، بدأ الجميع بالتساؤل: هل فقد لقاح الإنفلونزا الموسمي فعاليته؟ ولماذا عادت الإنفلونزا بهذه القوة هذا العام؟ إليك الحقيقة الكاملة!
موجة إنفلونزا غير مسبوقة: لماذا ينتشر الفيروس بهذه السرعة؟
شهدت العيادات هذا الشهر بالذات ارتفاعًا غير مسبوق في عدد المصابين بالإنفلونزا، إذ تشير تقارير طبية إلى أن بعض المراكز الصحية استقبلت ثلاثة أضعاف عدد المرضى مقارنة بالعام الماضي.
لذا بدأ الخبراء بتحليل العوامل التي ساهمت في الانتشار السريع والواسع للفيروس، مثل:
- بدأ موسم الإنفلونزا مبكرًا هذا العام مقارنةً بالسنوات السابقة، مما منح الفيروسات وقتًا أطول لتنتشر بين الأشخاص.
- حدثت عدة طفرات على فيروسات الإنفلونزا، مما جعلها أكثر قدرة على الانتشار والهروب من جهاز المناعة.
- تراجع التزام الأشخاص بإجراءات الوقاية، مثل ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي، على عكس المواسم السابقة.
واجتماع هذه العوامل معًا أتاح لفيروسات الإنفلونزا فرصة مثالية للانتشار بسرعة أكبر مقارنةً بالسنوات الماضية.
انتشار الإنفلونزا يربك المدارس ويضغط المستشفيات: ما الذي تغير هذا العام؟
بدأت آثار موجة الإنفلونزا هذا العام تُلقي بظلالها على الحياة اليومية، إذ أعلنت وزارات التعليم في عدة دول عن ارتفاع ملحوظ في نسب الغياب بين الطلاب والمعلمين مقارنة بالسنوات الماضية، وهو ما يعكس حجم انتشار الفيروس داخل المجتمع.
وفي المقابل، تواجه المستشفيات ضغطًا متزايدًا بسبب تزايد الحالات التي تحتاج إلى رعاية طبية، الأمر الذي دفع العديد من المؤسسات الصحية إلى رفع حالة الطوارئ واتخاذ مجموعة من الإجراءات، أبرزها:
- إغلاق بعض الأقسام مؤقتًا للحد من انتشار العدوى.
- إعادة فرض ارتداء الكمامات وتقليل الزيارات داخل المرافق الصحية.
- توجيه مرضى الحالات البسيطة لتلقي الرعاية في المنزل وعدم اللجوء لأقسام الطوارئ إلا عند الحاجة.
وقد حذّر الباحثون من أن استمرار الارتفاع الحالي في الإصابات قد يؤدي إلى زيادة الضغط على وحدات الطوارئ خلال الفترة المقبلة، ما يستدعي التزامًا أكبر بإجراءات الوقاية والتقليل من فرص انتقال العدوى.
هل فعلًا تراجعت فعالية اللقاح الموسمي؟
فقد الكثيرون ثقتهم بفعالية اللقاح الموسمي مع اتساع موجة الإنفلونزا، خاصة أن الأرقام لا تبدو مطمئنة. ففي الولايات المتحدة وحدها أعلنت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أنه مع بداية شهر نوفمبر تم توزيع أكثر من 124 مليون جرعة من اللقاح، ومع ذلك ما تزال الإصابات تتصاعد بوتيرة مقلقة.
ولكن أكد الباحثون أنّ فعالية اللقاح لم تتراجع، بل فيروسات الإنفلونزا نفسها تغيرت، فعلى سبيل المثال كشفت دراسة عن 7 طفرات جديدة في فيروس H3N2 جعلته أكثر مقاومة للمناعة، وبما إنّ اللقاح صمم قبل اكتشاف هذه الطفرات، فإنّه لا يمنع الإصابة بالإنفلونزا.
لماذا لا يزال لقاح الإنفلونزا ضروريًّا هذا الموسم؟
مع أنّ لقاح الإنفلونزا لا يمنع الإصابة بشكل كامل، ولكن أكدت هيئة الخدمات الصحية البريطانية (NHS) أنّه يُخفف شدة الأعراض ويسرّع التعافي من المرض، هذا إلى جانب أنّه يُقلل خطر الإصابة بمضاعفاتٍ خطيرة مثل الالتهاب الرئوي والحاجة لدخول المستشفى.
ولهذا السبب، يشدد الباحثون على ضرورة تلقي اللقاح خصوصًا لدى الفئات الأكثر عرضة لمضاعفات الإنفلونزا، مثل:
- كبار السن فوق 65 عامًا.
- الأطفال الصغار، خصوصًا من هم دون 5 سنوات.
- النساء الحوامل.
- المصابين بأمراض مزمنة، خاصةً السكري، والربو وأمراض القلب.
- من يُعانون من أمراض تضعف المناعة.
- من يتناولون الستيرويدات (الكورتيزون) والأدوية المثبطة للمناعة.
- العاملين في القطاع الصحي؛ لأنهم يخالطون المرضى باستمرار.
قد يُهمك: لقاح الإنفلونزا الموسمية للأطفال.
خطوات بسيطة لحماية إضافية من الإنفلونزا!
رغم الطفرات الجديدة والانتشار السريع للإنفلونزا هذا الموسم، يمكنك خفض خطر الإصابة بشكل كبير عبر الجمع بين اللقاح الموسمي وبعض الإجراءات اليومية البسيطة، مثل:
- احرص على غسل يديك جيدًا بالماء والصابون لمدة 20 ثانية.
- التزم بارتداء الكمامة في الأماكن المزدحمة أو المغلقة.
- تجنب لمس أنفك أو عينيك أو فمك قبل غسل اليدين.
- تجنب مخالطة الأشخاص المصابين، خصوصًا إذا كنت من الفئات المعرضة لمضاعفات الإنفلونزا.
- احصل على نوم كافٍ لدعم جهاز المناعة في مقاومة العدوى.
- تناول الأطعمة التي تقوي المناعة، خصوصًا الحمضيات الغنية بفيتامين ج.
- تأكد من تعقيم الهواتف والأدوات الشخصية والأسطح التي تُستخدم بشكل متكرر.
نصيحة الطبي
لا شكّ أن موجة الإنفلونزا هذا العام جاءت بقوة وانتشار غير مسبوق، مدفوعة بالطفرات الفيروسية وتراجع الالتزام بإجراءات الوقاية. ورغم أن اللقاح الموسمي لا يمنع العدوى تمامًا، إلا أنه يبقى خط الدفاع الأقوى لتخفيف شدة المرض وحماية الفئات الأكثر عرضة للمضاعفات.
وتذكّر أن اللقاح يحميك من الأسوأ، بينما تساعدك الاحتياطات البسيطة، مثل غسل اليدين وارتداء الكمامة في الأماكن المزدحمة، على منع انتشار الفيروس من الأساس!