يعتبر تبادل الحب والمشاعر العاطفية عند الإنسان حالة طبيعية، إلا أن هناك شكلاً مرضياً لهذا الحب، وهو إذا كان ليس له وجود إلا في ذهن طرف واحد، وهي الحالة التي يُعبر عنها بـ "متلازمة الهوس العاطفي".
ولا يفهم الشخص المصاب بهذا الهوس في العادة أن الطرف الآخر لا يحبه ولا يكن له أي مشاعر، أو على الأقل المشاعر الخاصة بالعاطفة والحب، بل يمكن أن يكون الأمر على النقيض، أي يكون الطرف الآخر ينظر إليه بضيق أو اشمئزاز.
ويظن المصاب بهذا الاضطراب أن الشخص الآخر واقع في غرامه، وهذه الأوهام التي تداهم المريض تكوّن لديه إحساساً واعتقاداً خاطئاً، بأن هناك شخصاً ما يحبه بشدة، ويكون عادة مرموقاً في المجتمع أو له معجبون كثر، أو من المشاهير.
ويوضح الأطباء والاختصاصيون أن "متلازمة الهوس العاطفي" هي أحد الأمراض النفسية، ويتم تصنيفها ضمن أشكال توهم جنون العظمة.
وتجعل هذه الحالة الشخص المصاب في وضع خطر على نفسه، ويمكن أن يتحول إلى خطر على المجتمع، وذلك في حالة مقابلة الدائرة المحيطة من الأسرة والأصدقاء وزملاء العمل، اعتقاده بأنهم يستنكرونه ويسخرون منه.
وتصيب "متلازمة الهوس العاطفي" النساء بشكل أكبر من الرجال، ويرجع ذلك إلى أن المرأة تسير في العادة خلف عواطفها، وبالتالي لا تستطيع كبح جماح نفسها ولا مشاعرها.
أعراض الهوس العاطفي
تعتبر أبرز أعراض "متلازمة الهوس العاطفي" –حسب الأطباء- اعتقاد المريض بصفة قاطعة أن هناك شخصاً يحبه إلى درجة العشق. ويشير الواقع والشواهد الملموسة إلى عكس ذلك، ولكن المصاب لا يدع فرصة يثبت بها لنفسه أنه محق إلا واتبعها ونماها في نفسه، مثل الاعتقاد بأن كل تصرف يصدر عن الشخص الذي يعتقد أنه يحبه، هو رسالة ضمنية تعبر عن مشاعره تجاهه.
ويفسر الكلمات التي هي من قبيل الواجبات الاجتماعية، أو أية كلمة تقدير أو فعل يتسم بالذوق، بأنه خاص به وأن المقصود منه هو التعبير عن حب دفين، غير أن الأمر بخلاف ذلك.
أعاني من خمول، وقلة في التركيز وألم في الجهة اليسرى من جسدي وألم في القلب قليلا وضيق في التنفس. وأحيانا أعاني من الاكتئاب والوحدة والمشاكل النفسية بسبب الظروف العائلية
ردود أفعال معكوسة ناتجة عن الهوس العاطفي
تنعكس ردود الأفعال الخاصة بمريض متلازمة الهوس العاطفي، فيعتقد ويصرح للآخرين بأنه مطارد من قبل الشخص الفلاني، وأنه هو الذي يتهرب منه ومن مطارداته، كما أنه يشفق على هذا الشخص الذي يتعذب بحبه ولا يجد الفرصة كي يعبر أو يصرح عن هذا الحب.
ومن الأعراض أيضاً ترقب المصاب بهذا الاضطراب ظهور الشخص الذي يعتقد أنه يحبه في كل مكان، ليراه أو ليتعرف إلى أخباره، بالإضافة إلى السؤال الدائم عن أخبار هذا الشخص. ويمكن أن يصل الأمر إلى أن يغار على هذا الشخص بصورة غير مبررة أو مقبولة.
الهوس العاطفي مرض متولد
ربط أطباء النفس مرض متلازمة الهوس العاطفي بكثير من الأمراض النفسية الأخرى، والتي يعد هذا المرض واحداً من نتائجها، ومن هذه الأمراض مرض الفصام، واضطراب الفصام الوجداني، ويضاف إليهما الأمراض الناتجة من الاكتئاب، مثل اضطراب الاكتئاب الرئيسي، وأخيراً مرض الزهايمر.
وتعد أيضاً الأخبار التي تعرض للمصاب عن طريق وسائل الإعلام والاتصال المختلفة من الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بهذا الاضطراب، وبخاصة تلك التي تتناول أخباراً معينة عن الشخصية التي تعلق بها.
وتتسبب هذه الأخبار في تفاقم حالة المصاب بمتلازمة الهوس العاطفي، حيث ترسخ لديه اعتقاده غير الصحيح بحب أو تعلق أحد به.
الهوس العاطفي وعالم الخيال
يتسلل المريض من خلال وسائل التواصل الاجتماعي إلى كل التفاصيل التي يريد معرفتها عمن يحبه، ويستخدم ذلك في تأصيل المحبة أو يعيش من خلالها في عالم من نسج خياله، حيث تتعدد التأويلات والتفسيرات لكل ما يراه أو يسمعه عن الشخص الذي يعتقد أنه يبادله حباً بحب.
وتحفز الوحدة، كسبب من أسباب الهوس العاطفي من الحالة، وكذلك قدرة الفرد على الحركة، والحالة المادية له، حيث تمكنه كل هذه الأشياء من تكريس جهده الذهني في جذب الطرف الآخر، وإجباره على التعلق به باعتبار أن ذلك محاولة لكي لا يخجل من مشاعره، التي يخفيها، حسب رؤية المريض بمتلازمة الهوس العاطفي.
مضاعفات الهوس العاطفي
تأتي مضاعفات المتلازمة –حسب أطباء النفس- كنتيجة طبيعية في حالة عدم التدخل العلاجي والنفسي لهذه الحالة. فبعد الشعور بالحب تجاه شخص ما يمكن أن ينقلب الأمر، في بعض الأحيان، إلى محاولة التخلص من هذا الشخص، وكذلك إيذائه باعتباره خائناً للحب الذي ظن المريض أنه يوجب له حق الإخلاص، وكذلك إذا قابل هذا الشخص تصرفات المريض بسخرية وجفاء شديد.
ويخشى في حالة جرح مشاعر المريض أن يتحول إلى خطر على المجتمع. فعندما يزول الحب وتبقى الغيرة ويكثر الشك، فليس هناك من وسيلة لكبح جماح الانتقام أو محاولة الإيذاء، وهذه الحالة، مع أنها قليلة، ولكن يجب الإسراع في تشخيصها ومعالجتها، حرصاً على المريض وعلى من حوله.
وتساعد دائماً معرفة التاريخ المرضي للعائلة، وأيضاً الجانب الوراثي في تشخيص الحالة، والتي لا يجب إهمالها، وإن كانت نادرة الحدوث.
وتجب الدقة في تشخيص المصاب حتى لا تحدث أخطاء تشخيصية أو الخلط بين مرض وآخر، حيث إن متلازمة الهوس العاطفي تكون نتيجة عوامل أو أمراض أخرى مرتبطة بالحالة النفسية، وما يعتري بعض المرضى من تغير في كيمياء الجسم.
تشخيص الهوس العاطفي
يرى أطباء النفس أن تشخيص مرض المتلازمة يتسم بالصعوبة لأنها قليلة الحدوث، وفي بعض الأحيان لا يميز هؤلاء الأطباء هذا المرض عن غيره، لهذا لا بد من استيفاء بعض الشروط للوصول للتشخيص السليم والدقيق للحالة، مثل النظر إلى الأمور التي يتوهمها المريض، وهل هي ممكنة الحدوث أم لا؟ وكذلك ما علاقة ما يتوهمه المريض بقضية التعلق العاطفي بشخص ما؟
ويساعد على التشخيص معرفة الحالة المزاجية التي يمر بها المريض، وكذلك نوبات الهوس التي تعتريه، ومدى تتابعها من عدمه، ويجب عند التشخيص التأكد من أن الحالة لا تعاني الفصام أو اضطرابات المزاج أو التسمم، فهذه كلها عوامل تضعف من القدرة على تشخيص الحالة كمتلازمة الهوس العاطفي.
ويلجأ الطبيب في مرحلة التشخيص إلى التدخل الطبي، من خلال بعض الفحوص الطبية المساعدة على تحديد الحالة بدقة، مثل الفحص الإشعاعي للدماغ، وكذلك الفحوص المخبرية. ونتيجة لهذه الفحوص يكتمل التشخيص، فيتم استبعاد الأمراض المشكوك فيها، مع عمل الفحص السريري للمريض، الذي يتوصل معه الطبيب أيضاً إلى معرفة التاريخ المرضي للحالة بدقة.
علاج الهوس العاطفي
يرى الأطباء أن مرحلة العلاج تأتي بعد ملاحظة الأعراض وتشخيص الحالة بدقة، ويعتمد العلاج على استخدام أدوية تساعد على الشفاء من هذه الحالة كأدوية الذهان.
ويرافق هذه المرحلة العلاج النفسي، ومن خلاله تتم محاولة إخراج المريض من هذه الحالة، وإيصاله إلى الانسجام الحقيقي مع الواقع والرضا به، وليرى الأشياء بصورتها الطبيعية، بحيث لا يدخل أشخاصاً في دائرة الاهتمام العاطفي، دون وجود سبب حقيقي يمكن البناء عليه.
وتجب في مرحلة العلاج المحافظة على المريض من الناحية الاجتماعية، حتى لا يخرج من مشكلة إلى أخرى، حيث يجد هجوماً من المجتمع عليه يصل إلى مرحلة التخوف منه، والرفض الدائم، ما يجهض عملية العلاج، أو يؤخر الشفاء، بحسب ما يتأثر به المريض من تحسن في الحالة أو العكس، ويلجأ الطبيب المعالج الذي يستطيع تقييم الحالة بشكل سليم إلى تحديد مدى الحاجة إلى الصدمات الكهربية، أو الجلسات التي يقدم فيها علاجات مثبطة للتغير الكيميائي الحاصل للمريض، أو إعطائه بعض الأدوية العلاجية المحفزة للتفاؤل والرضا عن النفس.
تاريخ الهوس العاطفي
يعتبر الهوس العاطفي مصطلحاً له تاريخ طويل، فأثبتت الدراسات التي تابعت حالات المتلازمة منذ القرن الثامن عشر، أن هذا الاضطراب يشير إلى مرض تتأصل جذوره في الحب الشديد من جانب واحد.
وتوجد نحو 200 دراسة للحالات التي أصيبت بهذا المرض، وكذلك تتبعت الأبحاث ما تناولته الأدبيات العالمية حول متلازمة الهوس العاطفي، والحالات التي وردت في السينما، والمعالجات التي تمت لمثل هذه الحالة.
وقام مجموعة من الأطباء بفحص 53 حالة من الأدبيات، حتى يروا كم منها تتوافق أعراضها مع المقاييس التي وضعها الأطباء لحالة الهوس، فوجدوا أنها حالتان أو ثلاث حالات.
وأجريت دراسة لنحو 15 حالة تمت متابعتها، كحالات مسجلة مصابة بالمرض، وكانوا 11 سيدة وأربعة رجال في منتصف الأربعينات، ثلاثة منهم سبق لهم الزواج، إضافة إلى ثمانية عزاب وثلاثة مطلقين، وستة منهم لم يمروا بعلاقة عاطفية من قبل، و11 منهم عاطلون عن العمل.
وتبين من خلال المتابعة أن الشخص الذي أحبوه من جانبهم فقط، كان ذا مكانة في المجتمع أو مشهوراً، ما يؤكد ما تم التوصل إليه من أسباب وعلامات وعلاجات للحالة بشكل علمي مدروس.
قلق شديد وتوتر مبالغ فيه يصاحبه عدم رضا وشعور بالذنب وعدم الاستسلام لاغراءات الطعام غير الصحي هذه حالة المصاب بـ ...
اقرأ أكثر
اقرا ايضاً :