منذ عقود والعلماء حول العالم يسعون لإيجاد علاج فعّال للسرطان. ومؤخرًا، أثارت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي جدلًا واسعًا بعد تداول أخبار عن نجاح روسيا في تطوير لقاح قادر على تقليص الأورام بنسبة 100%، بل وتوزيعه مجانًا في موسكو! لكن، هل ما نسمعه هو فعلاً إنجاز طبي تاريخي، أم مجرد مبالغة إعلامية؟
لقاح إنتروميكس يقلّص الأورام ويبطئ نموها
سلّطت وسائل الإعلام الروسية الضوء على اللقاح الجديد "إنتروميكس" (EnteroMix)، الذي أظهر نتائج أولية مشجعة في تقليص حجم الأورام وإبطاء نموها، مع إمكانية تكرار استخدامه دون ظهور آثار جانبية خطيرة حتى الآن.
ولا تزال آلية عمل اللقاح قيد البحث، لكنه يعتمد على مزيج من أربعة فيروسات معدلة صُممت لمهاجمة الخلايا السرطانية بشكل مباشر، إلى جانب تنشيط جهاز المناعة لمساعدة الجسم على محاربة الأورام بشكل أكثر فعالية.
انتهاء التجارب ما قبل السريرية: هل اللقاح جاهز للاستخدام؟
أعلنت فيرونيكا سكفورتسوفا، رئيسة الوكالة الطبية والبيولوجية الفيدرالية الروسية (FMBA)، أن لقاح إنتروميكس اجتاز مرحلة التجارب ما قبل السريرية بنجاح، حيث أظهر فعالية في علاج الأورام دون تسجيل آثار جانبية خطيرة.
ورغم تقديم الوثائق الرسمية لوزارة الصحة الروسية من أجل بدء الخطوات التالية، إلا أن اللقاح لم يحصل بعد على أي ترخيص للاستخدام البشري. وعلى عكس ما تداولته منشورات على منصات مثل فيسبوك وإكس، أكدت السلطات الروسية أنه لم يتم توزيعه على المرضى حتى الآن.
الخطوة التالية ستكون إجراء التجارب السريرية على البشر، وهي المرحلة الحاسمة التي ستحدد فعالية اللقاح وأمانه قبل اعتماده رسميًا.
كيف يمكن أن يغير اللقاح طرق علاج السرطان؟
إذا أثبتت التجارب السريرية على البشر فعالية وأمان لقاح إنتروميكس، فقد يشكّل ذلك تحولًا كبيرًا في طرق علاج السرطان. إذ يمكن أن يوفر خيارًا علاجيًا أقل خطورة وأكثر فعالية مقارنة بالجراحة أو العلاج الكيميائي، مما يمنح المرضى – خاصة في الحالات المتقدمة أو عند فشل العلاجات التقليدية – بارقة أمل جديدة.
قد يُهمك: تقنية mRNA من كورونا إلى علاج السرطان!
رأي الخبراء: تفاؤل بحذر وتشكيك علمي
وبينما يراه البعض خطوة واعدة قد تغيّر مستقبل علاج السرطان، يؤكد خبراء الأورام أن الطريق ما زال طويلًا قبل الحكم على نجاحه الفعلي.
ألكسندر سيرياكوف، أخصائي أورام روسي، أوضح أن الوقت لا يزال مبكرًا للحكم على نجاح اللقاح، مشيرًا إلى أن التجارب السريرية ما زالت في بدايتها، وقد يستغرق الأمر من 3 إلى 6 سنوات قبل أن يصبح متاحًا للمرضى.
من جانبه، أكد ديفيد جيمس بيناتو، استشاري طب الأورام في إمبريال كوليدج بالمملكة المتحدة، أن نجاح التجارب على الحيوانات لا يضمن فعاليتها على البشر بسبب تعقيد الجهاز المناعي البشري. وشدد على ضرورة إجراء دراسات دقيقة على البشر قبل إعلان نجاح أي لقاح مماثل.
ما الذي يعنيه ذلك للمرضى الآن؟
حتى هذه اللحظة، لقاح إنتروميكس لا يزال قيد الدراسة ولم يحصل على ترخيص للاستخدام البشري. لذلك، ينصح المرضى بعدم الانسياق وراء الشائعات أو تجربة أي علاج غير معتمد، والاعتماد فقط على الإرشادات الطبية الرسمية.