مع استمرار تسجيل حالات ووفيات جديدة بفيروس ماربورغ في جنوب إثيوبيا، تصاعدت المخاوف من احتمال توسّع دائرة التفشّي في أفريقيا، بالتزامن مع عاصفة من الشائعات على منصات التواصل تزعم وصول الفيروس إلى مدارس في مصر والسودان. فما حقيقة ما يجري؟ وهل توجد إصابات فعلًا في دول الجوار؟
تحذيرات جديدة من منظمة الصحة العالمية: ماذا تقول أحدث البيانات؟
بعد الإعلان عن 8 وفيات و12 إصابة بالفيروس في أثيوبيا، أصدرت منظمة الصحة العالمية (WHO) تحذيرات جديدة وجهتها إلى الدول المجاورة، ذكرت فيها أنّ الوضع يتطلب مراقبة دقيقة وتدخّلًا سريعًا لمنع اتساع دائرة التفشّي، خصوصًا أنها على الحدود المشتركة مع السودان.
مع ذلك، أكدت المنظمة أنّ الانتشار لا يزال محصورًا داخل جنوب أثيوبيا فقط، دون وجود أي أدلة على انتقاله إلى مناطق أخرى في أثيوبيا، ناهيك عن الدول المجاورة لها، نافيةً بذلك الادعاءات بتفشيه في قارة أفريقيا.
وحاليًا، تعمل المنظمة مع السلطات الإثيوبية لتحسين إجراءات التشخيص وتتبع المخالطين وعزلهم، كما قدمت دعمها للمستشفيات المحلية وزودتها بالمعدات الطبية اللازمة.
شائعات المدارس في مصر والسودان: من منشورات فردية إلى «روايات رعب»
بالتوازي مع الأخبار القادمة من إثيوبيا، انتشرت على منصة «إكس» ومنصات أخرى منشورات لأمهات يتحدّثن عن ظهور أعراض، قِيل إنها تشبه ماربورغ، على أطفال في بعض المدارس، مثل:
- طفح جلدي مسطّح على جذع الجسم.
- حمى وقشعريرة.
- صداع شديد.
- آلام في العضلات.
- ألم في الصدر، والتهاب في الحلق.
- غثيان وتقيؤ.
هذه المنشورات لم تكن مدعومة بأي تقارير طبية أو نتائج فحوصات، لكنها سرعان ما تحوّلت إلى روايات تزعم انتشارًا واسعًا ووفيات بين الطلاب، وتعتيمًا إعلاميًا في البلدين، رغم نفي الجهات الرسمية المستمر لهذه الادعاءات.
هل هناك تعتيم إعلامي فعلًا؟ الحقيقة وراء ما يجري في مصر والسودان
عند التحقق من المصادر الرسمية في البلدين، تبيّن أن الادعاءات المتداولة لا تستند إلى أي تقارير طبية أو بيانات حكومية؛ فحتى الآن، تؤكد:
- في مصر: المتحدث باسم وزارة الصحة أكد مرارًا أن مصر لم تسجل أي حالات اشتباه أو إصابة مؤكدة بفيروس ماربورغ حتى الآن، وأن نظام الترصد الوبائي يتابع المستجدات عالميًا «ساعة بساعة»، مع التعهد بإعلان أي حالة فورًا للرأي العام.
- في السودان وجنوب السودان: وزارة الصحة في جنوب السودان أعلنت أنها لم تسجل أي حالة مؤكدة لماربورغ، لكنها شددت المراقبة عند المعابر الحدودية مع إثيوبيا، وفعّلت غرفة الطوارئ الصحية.
- في السودان: رفعت وزارة الصحة الاتحادية حالة الطوارئ في مطار بورتسودان الدولي وطبّقت إجراءات فحص وتعقيم مشددة للرحلات القادمة من الدول التي تشهد تفشيًا للمرض، وعلى رأسها إثيوبيا، دون إعلان عن حالات مؤكدة داخل البلاد حتى الآن.
لهذا السبب، شددت منظمة الصحة العالمية على عدم الانسياق وراء الشائعات، وضرورة الاعتماد على القنوات الرسمية للحصول على المعلومات، مؤكدة أن تداول أخبار غير موثوقة قد يعرقل جهود الاستجابة ويُثير حالة هلع لا مبرر لها بين الأهالي.
كيف ينتقل فيروس ماربورغ؟ ولماذا يثير كل هذا القلق؟
وفق منظمة الصحة العالمية:
- ينتقل الفيروس من خفافيش الفاكهة إلى الإنسان، ثم من شخص لآخر عبر:
- ملامسة الدم أو سوائل جسم الشخص المصاب (قيء، براز، عرق، إفرازات الجسم).
- ملامسة الأسطح أو الأغراض الملوثة بهذه السوائل، مثل أغطية الأسرّة والملابس.
- لا ينتقل الفيروس عبر الهواء بسهولة كما هو الحال مع فيروسات الزكام والإنفلونزا في الحياة اليومية.
يمكن أن يصل معدل الوفيات في بعض الفاشيات إلى نحو 88% إذا لم تتوفر رعاية طبية مناسبة، لكنه ينخفض مع التشخيص المبكر والعلاج المناسب.
كيف نحمي أنفسنا وأطفالنا؟ إرشادات للوقاية من فيروس ماربورغ
شددت الجهات الرسمية على الالتزام بالتوصيات الآتية للوقاية من هذا المرض:
- اغسل يديك بالماء والصابون لمدة 20 ثانية على الأقل، خصوصًا بعد لمس الأسطح الملوثة أو التعامل مع الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض المرض.
- نبّه أطفالك على عدم مشاركة أغراضهم الشخصية، مثل زجاجات الماء والملاعق مع أي طفل آخر في المدرسة، خصوصًا إذا ظهرت عليه علامات المرض والتعب.
- احذر أنت وأطفالك من مخالطة الخفافيش والحيوانات البرية أو دخول الأماكن التي تعيش فيها.
- تجنب تناول لحوم الحيوانات البرية.
- راجع الطبيب فورًا عند ظهور أي أعراض مقلقة، مثل الحمى الشديدة.
نصيحة الطبي
رغم خطورة فيروس ماربورغ وارتفاع معدل الوفيات به في حال إهمال العلاج، إلا أن المعطيات الحالية لا تشير إلى أي انتشار له خارج إثيوبيا حتى الآن، ولا توجد إصابات مؤكدة في مصر أو السودان بحسب البيانات الرسمية. لذا حافظ على هدوئك وكن حكيمًا، والتزم بإجراءات الوقاية من غسل اليدين وعدم مخالطة المرضى.
وأخيرًا، اجعل مصدر معلوماتك دائمًا وزارة الصحة في بلدك ومنظمة الصحة العالمية، ولا تشارك الشائعات؛ فالمعلومة الخاطئة قد تكون أخطر من الفيروس نفسه.