تحتاج جميع الخلايا والأعضاء داخل جسم الإنسان إلى الماء لتقوم بمهامها بالشكل الصحيح، ومع ذلك، فإنه من الممكن أن يحدث ما يسمى بالتسمم المائي (Water Intoxication) وهي حالة نادرة الحدوث يصاب بها الشخص عند شرب كمية كبيرة من الماء بسرعة كبيرة وخلال وقت قصير، فيتعذر على الكلى طرد هذه الكميات الكبيرة من الماء عن طريق البول، فترتفع كمية الماء في الدم، مما يؤدي بالتالي إلى انخفاض مستوى الصوديوم (hyponatremia)، ومن ثم يبدأ الماء بالانتقال من الدم إلى الخلايا مسببًا تضخمها، وعندما يحدث هذا لخلايا الدماغ ينتج عنه آثار خطيرة ويمكن أن تكون قاتلة.

ما هي أنواع التسمم المائي؟

هناك نوعان رئيسيان للتسمم المائي وكلاهما يسبب خلل في مستويات الصوديوم في الدم، هما:

  • النوع الأول: التسمم المائي الذي يحدث نتيجة شرب الكثير من الماء خلال فترة زمنية قصيرة.
  • النوع الثاني: التسمم المائي الذي ينتج عن احتفاظ الجسم بالماء وعدم قدرته على التخلص منه بشكل صحيح، وتحدث هذه الحالة بسبب تناول بعض الأدوية أو بسبب إصابة الشخص بأمراض معينة.

ما أسباب حدوث التسمم المائي؟

  • تتلخص القضية في مستويات الصوديوم، حيث أن واحدة من وظائف الصوديوم هي تحقيق التوازن بين السوائل داخل وخارج الخلايا.
  • وبشرب الكثير من الماء يحدث خلل في هذا التوازن مما يؤدي إلى انتقال السوائل من الدم (الخارج) إلى الخلايا (الداخل).

أما فيما يخص عدم قدرة الجسم على التخلص من الماء فيكون عادة بسبب الحالات الصحية التالية:

تسمم الماء للرضع

ومن الجدير بالذكر أن مضاعفات حالة التسمم المائي تكون خطيرة لدى الأطفال الرّضع بسبب أجسادهم الصغيرة، فيوصي الأطباء دائمًا بالاعتماد على الحليب فقط في تغذية الأطفال الرضع وأنه لا داعي لأن يشربوا الماء، فالحليب يمدهم بكمية السوائل الكافية التي تحميهم من الجفاف وتساعد الخلايا والأعضاء على القيام بوظائفها بكفاءة.

أعراض التسمم المائي في الاطفال

  • اهم عرض في الاطفال هو انتفاخ الوجه.
  • تغيرات في الحالة العقلية، مثل تغير المزاج العام، التهيج والانفعال أوالنعاس.
  • انخفاض طفيف في حرارة الجسم.
  • في الاطفال الاقل سناً الانهاك والصداع والالتباس هي الاعراض الأكثر مشاهدة.

 

من هم الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالتسمم المائي؟

تشيع حالات التسمم المائي بين الرياضيين الذين يشربون كميات كبيرة من الماء قبل وأثناء التمرين، ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:

  • العدّاءون في سباقات الماراثون.
  • الرياضيون الذين يحملون الأوزان الحديدية الثقيلة.
  • راكبو الدراجات الهوائية.
  • المجذفين.
  • أعضاء الجيش المشاركون في التدريبات الرياضية.

ما اعراض التسمم المائي؟

عندما تتضخم خلايا الدماغ بسبب انتقال الماء إليها يحدث ما يسمى بالوذمة الدماغية (cerebral edema)، فيزداد الضغط داخل الجمجمة، وبهذا تظهر أول أعراض التسمم المائي، والتي تشمل:

  • صداع الرأس.
  • غثيان.
  • قيء.

وفي الحالات الشديدة يمكن أن تظهر أعراض أكثر خطورة، مثل:

كيف انزل ضغط الدماغ؟ فقد أخبرني الطبيب أن هناك ارتفاع في ضغط الدماغ وأنا خائف أن يسبب لي مشاكل خطيرة

  • ارتفاع ضغط الدم.
  • الارتباك والتشويش.
  • ازدواج الرؤية.
  • الدوخة والنعاس.
  • صعوبة في التنفس.
  • ضعف العضلات وتشنجها.
  • عدم القدرة على تحديد المعلومات الحسية.
  • تلف في الدماغ.
  • غيبوبة.
  • الموت.

ما هي كمية الماء التي يحدث عندها التسمم المائي؟

يحدث التسمم المائي عند شرب كمية من الماء أكبر مما يمكن للكليتين التخلص منه عن طريق البول، ولكن كمية الماء ليست هي العامل الوحيد في حدوث التسمم، فسرعة شربه والوقت المستغرق في الشرب هو عامل مهم أيضًا، حيث تزداد الخطورة عند شرب كمية كبيرة من الماء خلال فترة قصيرة من الوقت، بينما تقل الخطورة عند شرب نفس الكمية من الماء على مدى فترات زمنية أطول.

تحدث أعراض نقص الصوديوم في الدم (hyponatremia) عند شرب 3-4 لتر من الماء خلال فترة زمنية قصيرة، حيث يمكن للكليتين التخلص من حوالي 20-28 لتر من الماء يوميًا، ولكن لا يمكنها التخلص من أكثر من 0.8- 1.0 لتر في الساعة، لذلك، لتجنب أعراض نقص الصوديوم ينبغي أن لا يشرب الشخص أكثر من هذه الكمية من الماء.

كم لتر من الماء يحتاج الجسم يومياً؟

لا يوجد رقم محدد من الكؤوس التي ينبغي لكل فرد أن يشربها يوميًا، فمقدار الماء الذي يحتاجه الجسم يختلف من شخص لآخر، حيث يجب أن يضع الشخص في عين الاعتبار عمره وجنسه ووزن جسمه ومستوى نشاطه البدني والمناخ المحيط به، ويشير معهد الطب ((Institute of Medicine (IOM) إلى أن كمية الماء الكافية في اليوم للرجال هي 3.7 لتر، بينما تبلغ الكمية الكافية للنساء في اليوم 2.7 لتر، وتشمل هذه الكميات المياه الموجودة في المشروبات والعصائر والأطعمة.

إن القاعدة العامة لشرب الماء هي الإحساس باحتياج الجسم للماء من خلال الشعور بالعطش، فيعتبر هذا كافيًا للحفاظ على مستويات جيدة من الماء، ومع ذلك، فإن الاعتماد على العطش وحده قد لا يصلح لجميع الأشخاص، فقد يحتاج الرياضيون أو الحوامل أو كبار السن إلى شرب بعض الماء الإضافي كل يوم.

كيف يتم تشخيص حالات التسمم المائي؟

سيسأل الطبيب المريض عن تاريخه الطبي لمعرفة ما إذا كانت لديه أي عوامل خطر للإصابة بالتسمم المائي، كما سيقوم بالفحص الجسدي والفحص المخبري للدم والبول.

علاج التسمم بالماء

تعتمد طريقة علاج حالة التسمم المائي على مدى حدة الأعراض والأسباب التي أدت إلى حدوثها، وقد تشمل طريقة العلاج ما يلي:

  • خفض كمية السوائل المستهلكة.
  • أخذ مدرات البول لزيادة كفاءة الجسم على التخلص من السوائل.
  • علاج الحالة التي سببت التسمم المائي.
  • وقف أي أدوية سببت التسمم المائي.
  • تعويض الصوديوم في الجسم إذا لزم الأمر. 

اذا كان المريض يعاني من نقص حاد في مستوى الصوديوم في الدم فيجب وضع العلاج السريع والمكثف بما في ذلك:

  • استخدام محاليل الصوديوم عن طريق الوريد، وذلك لرفع الصوديوم في الدم. هذا العلاج يجب أن يتم داخل المستشفى.
  • استخدام الادوية اللازمة لعلاج اعراض نقص الصوديوم كالصداع، الغثيان والتشنج.
  • العلاج الهرموني، يستخدم في حال اذا كان قصور الغدة الكظرية هو سبب نقص الصوديوم في الدم.

كيف يمكن منع حدوث التسمم المائي؟

يمكن للرياضيين أن يقللوا من خطر إصابتهم بالتسمم المائي من خلال وزن أنفسهم قبل وبعد أداءهم للرياضة، مما يساعدهم على تحديد مقدار الماء الذي فقدوه ومن ثم تعويضه، حيث من المستحسن شرب 0.47- 0.59 لتر من الماء مقابل كل رطل مفقود.

اقرا ايضاً :

العلاقة المشتركة بين الطبيب و المريض

كما يجب أن يحاول الرياضي شرب 2 - 4 أكواب من السوائل في الساعة أثناء ممارسة الرياضة لمدة لا تزيد عن ساعة، أما في حال كان يمارس الرياضة لمدة تزيد عن ساعة، فإن المشروبات الرياضية هي الخيار الأفضل، حيث تحتوي هذه المشروبات على السكر جنبا إلى جنب مع العناصر الأخرى والتي يفقدها الجسم من خلال العرق مثل الصوديوم والبوتاسيوم، كما يجب أن يستجيب الرياضي لحاجته للماء عن طريق شعوره بالعطش عند ممارسة الرياضة، فإذا شعر بالعطش يجب عليه شرب المزيد من الماء.