"أن تصبح أباً أو أماً ليس بالأمر السهل، بل شتان الفارق بين حياتك قبل وبعد"، لا شك أن كل أب وأم قد سمع تلك العبارة من المقربين في مرحلة ما من حياتهم، وهي مرحلة انتظار أول مولود. فإنجاب طفل يعني تحمل مسؤوليات جديدة، وتغييرات جذرية في حياتنا اليومية.

فبعد ولادة أول طفل سيتغير نظام حياة الوالدين بالكامل، وسيدور يومهما بشكل أساسي وفقاً ليوم الطفل، مثل وقت النوم، والقيلولة، والرضاعة الطبيعية، والذهاب إلى الحضانة، وغيرها، وقد يصبح الذهاب إلى الطبيب جزءاً من حياتهما اليومية، خاصة عندما يبدأ الطفل في الذهاب إلى الحضانة ويتعرض إلى جميع أنواع الأمراض والعدوى.

ويبدأ الأب والأم في البحث جيداً عن سبل التربية الصحيحة لأبنائهم، مروراً بكل مراحل حياتهم بداية من الطفولة، والمراهقة، والشباب، وما يتخللها من عقبات، كي يستطيعوا غرس الصفات الحميدة في أبنائهم، وتنشئة جيلًا صالحاً للمجتمع، ومثالاً يحتذى به. 

لكن هل فكر الآباء يوماً ما أنهم أيضاً يكتسبون صفاتاً جديدة في رحلة تربيتهم لأبنائهم؟ وأن تحمل مسئولية الأبناء تولد لدى الأب والأم خصال جديدة لم يمتلكونها من قبل، بل ومن الممكن أن يتخلى كل منهما عن صفات لطالما اتصف بها من قبل! 

سنكتشف في هذا المقال سوياً مجموعة صفات جديدة تضيفها تربية الأولاد على شخصيتنا، وسيعرف كل منا كيف كان لأبنائه دور في تغيير شخصيته، وكيف اكتسبنا صفات جديدة وتخلينا عن أخرى في سبيل تربية أبنائنا. 

تشمل أهم الصفات التي تضيفها تربية الأبناء لنا ما يلي:

الاعتماد على نظام غذائي صحي

يحرص كل أب وأم على تغذية أبنائهم تغذية صحية سليمة، للحفاظ على صحتهم ونموهم، لذلك يضطرون هم  أيضاً إلى الاعتماد على نظام غذائي صحي، والتخلى عن بعض العادات الصحية الخاطئة التي لطالما اعتادوا عليها. 

مثل: تناول المشروبات الغازية، أو تناول الأطعمة المعلبة، وغيرها من الأكلات غير الصحية، ويعتمدون في نظامهم الغذائي على المزيد من الخضروات، والفاكهة، والبروتينات، والدهون الصحية؛ وذلك كي يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم يقتدون بها في نظامهم الغذائي. 

تغيير الأولويات

فلم يعد للآباء الأولوية في حياتهم، بل أصبح لديهم طفل أخذ المرتبة الأولى من تفكيريهم طوال الوقت، وأصبحت كل عواطفهم تدور حوله، مثل القلق على مستقبله، أو الفرح بعد إنجاز حققه. 

ويشمل ذلك الأمور المادية أيضاً، حيث توضع احتياجات الابن دائماً في المقام الأول قبل احتياجات الوالدين الشخصية. 

اقرأ أيضاً: أثر أسلوب التربية على شخصية الطفل الوسواسية 

تغيير بعض العادات

تدفع الآباء مسؤوليتهم تجاه أبنائهم أحياناً إلى التخلي عن بعض العادات السيئة، مثل: التدخين، والنوم في ساعات متأخرة، وذلك أيضاً كي يكونوا قدوة جيدة لأبنائهم، فهم دائماً ينظرون إليهم وإلى أفعالهم ويقلدونها دون تفكير. 

زيادة الشعور بالثقة والقوة

قد تعطي مسؤولية الآباء تجاه أبنائهم لهم إحساساً بالقوة والثقة أكثر من ذي قبل، وتزداد تلك القوة والثقة كلما يكبر الأبناء ويحققوا إنجازاً ما في حياتهم، مثل تفوقهم في الدراسة، أو حصولهم على ميدالية في رياضتهم المفضلة، أو غيرها من الإنجازات التي تمنح الآباء مزيداً من الفخر والثقة. 

اقرأ أيضاً: تربية الاطفال المصابين بالتوحد 

التفكير بالمستقبل

قد يقتصر تفكير الآباء عندما يكونوا وحيدين أو بدون مسؤولية على واقعهم اليومي، فيما يخص الأمور المادية أو الاجتماعية، ولكن ينقلب الحال في حالة وجود أبناء، فيصبح تفكيرهم الأساسي فيما هو قادم. 

فيكون واجبهم ومسؤوليتهم الأولى هي كيفية توفير حياة اجتماعية مناسبة لأبنائهم، يستطيعون أن يعيشوا فيها حياة كريمة دون عقبات مادية أو معنوية.

اقرأ أيضاً: الطلاق واثره على الاطفال 

السيطرة على الخوف

قد يطرأ إلى أذهاننا أن إنجاب أطفال يجعلنا أكثر خوفاً عليهم من المستقبل، وخوفاً على أنفسنا من عدم القدرة على تحمل المسؤولية، لكن في الحقيقة فإن وجود الأطفال يجعلنا أكثر جرأة، وأكثر إقبالاً على المخاطرة وخوض تجارب حياتية جديدة من أجلهم. 

كذلك فإن أكثر ما يسيطر على الإنسان هو خوفه من الوحدة خاصة عندما يكبر، لكن وجود الأبناء يبعث الطمأنينة، ويعطي إحساساً بالأمان، وأن هناك من سيكون إلى جواره يستند عليه عندما يبلغ من العمر أرذله. 

للمزيد: أساليب التربية وعدوانية المراهقين

زيادة التواصل الاجتماعي

قد يظن البعض أن تربية الأبناء تعتمد فقط على الأب والأم، لكن الحقيقة أن هناك أطراف أخرى تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في تربيتهم، مثل أصدقائهم في المدرسة، أو معارفهم في النادي. 

ويشجع ذلك الأم والأب على زيادة التواصل الاجتماعي، وتكوين علاقات اجتماعية جديدة مع عائلات أصدقاء أبنائهم ومعارفهم؛ سعياً منهم إلى أن يكونا على دراية بكل من يحيط بأبنائهم ويتعامل معهم. 

للمزيد: تقدير الذات عند الأطفال 

اعاني مk الشك كثيراً ، في الصلاة في الوضوء والغسل ونظافة الآخرين وكذاك الصحون التي اطبخ او أكل بها ، اضطر لغسلها لأكثر من مرة، وكذلك في الصلاة اعيدها اكثر من مرة والوضوء، هل هذه أعراض وسواس قهري؟ وكيف أتغلب عليها؟

انتقاء الاصدقاء والمعرفة

يختلف تفكير الإنسان في مراحل عمره المختلفة، كذلك تختلف طريقة تفكيره ومعتقداته، فما يعده مقبولاً في مرحلة المراهقة والشباب يصبح مرفوضاً في المراحل العمرية المختلفة. 

وهذا هو الحال عند انتقاء الأصدقاء والمعارف، فيجب على الآباء أن ينتقوا  أصدقاءهم ومعارفهم بعناية شديدة، فحتماً سيؤثر هؤلاء الأصدقاء والمعارف على أبنائهم. 

فيجدون أنفسهم يفضلون على سبيل المثال الصديق غير المدخن عن غيره المدخن، وأيضاً يقضلون صديق يتسم برحابة الصدر والتفكير المنطقي عن صديق آخر متعصب ومتسلط، وبذلك يضمنون بيئة صالحة وسوية يعيش فيها أبناؤنا. 

وتعد تلك النقطة من أهم مجموعة صفات جديدة تضيفها تربية الأولاد على شخصيتنا، حيث أننا بذلك نعطي رسالة لأبنائنا عن كيفية اختيار الأصدقاء، لنضمن أنهم لن يقعوا في فخ معرفة أصدقاء السوء، وما يتبعه من عواقب وخيمة. 

للمزيد: كيف تختار البيئة التعليمية المناسبة لطفلك ذوي الاحتياجات الخاصة؟ 

زيادة القدرة على العمل

تتأثر خيارات العمل دائماً بالظروف المحيطة بالإنسان، وقدرته على التحمل، وتقبل شروط هذا العمل، ففي مرحلة ما قبل الأبناء قد يرفض بعض الأشخاص الأعمال التي يجدون أنها مرهقة، ولا يوجد الدافع أو الحافز لتقبلها، وقد يقبلون عملاً ما لكن لا يستطيعون الاستمرار فيه، فمرحلة الشباب تتسم بسرعة الشعور بالملل والرغبة في التغيير المستمر. 

لكن يتغير كل ذلك عندما يمتلكون أبناء، وما كان مرفوضاً في الماضي يصبح الآن فرصة ثمينة يجب استغلالها؛ وينبع ذلك من الإحساس بالمسؤولية تجاه الأبناء، والرغبة الملحة في تأمين مستقبلهم، وتوفير حياة كريمة لهم. 

زيادة احترام الوالدين

لطالما اختلف الكثيرون من قبل مع آبائهم، سواء في مرحلة المراهقة أو الشباب؛ ظناً منهم أنهم على صواب والآباء على خطأ، لكن الآن وبعد أن أصبح لديهم أبناء فهموا جيداً معنى الأمومة أو الأبوة، وأن الآباء كانوا دائماً على صواب. 

كانت تلك مجموعة صفات جديدة تضيفها تربية الأولاد على شخصيتنا، وصفات أخرى تخلينا عنها في سبيل تربية سليمة لأبنائنا، وحرصاً منا على أداء رسالتنا في التربية على أكمل وجه. 

اقرا ايضاً :

هل السعادة غاية أم وسيلة؟ وما هي متطلباتها؟